إهداء: إلى تلك الروح النقية و ذاك الوجه البشوش، الذي لا تتمالك أن تبتسم له و للحياة من وراءه. إلى تلك البراءة المستودعة جسداً عطلت بعض وظائفه.
إلى جاسم. على قولتك ” أحبك”
كثيراً ما أشيح بوجهي عندما أرى كفيفاً أو كسيحاً عمن يرمقهم بالنظر لأنه يمعن النظر في مكامن النقص بأجسادهم و يتفحصهم تفحص بائع الجواهر للشوائب في بضاعته، ينظر إلى البياض في عينه أو قطع الحديد في كرسيه ثم يتجشأ بالاستعاذة من أن يبتلى في جسده و يحمد الله على نعمة المعافاة قبل أن ينغمس في شهواته مرةً أخرى. و هو في هذا مفتخر بإنسانيته التي تكرم بها عليهم كأنهم يستجدون عطفه بإعاقاتهم أو أنهم زينوا أجسادهم بنقص هنا و هناك كي يصبحوا محل الأنظار.
أهم أصنام يزدريها المرء فلم يخلقها الرب سوى للاستعاذة منها مذكراً بنعمه أو محذراً من عقوبته و كفى!؟ لا مشاعر و لا أحلام و لا مخاوف مجرد صلصال و فخار مجوف . أما أن يحيط أحدهم نفسه بجمع ممن رزء ببدنه فأدهى و أمر! فعقلي يقرأ الأمر على هذا النحو: ابحث عن المعافى من بينهم، إما أنه يشهد الله و الناس أنهم استثاروا عطفه أو أن أمرهم أوكل إليه فهو “يشحت” بإعاقتهم.
هم لا يسألون عطفكم و لا يتمنون منّكم، قصارى أحلامهم أن يتم معاملتهم معاملة الند. فقد أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل أعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد. فرخص له فلما ولى دعاه فقال : “أتسمع النداء بالصلاة؟” قال: نعم. قال:”أجب.” و كذا رواية تبين لنا معاملة رحمة العالمين عليه صلاة الله و سلم لهؤلاء المبتلين و نهجه معهم، إذ شكا الصحابي عمرو بن الجموح منع أبناءه إياه للخروج للجهاد فقال : يا نبي الله ، إن أبنائي هؤلاء يريدون أن يحبسوني عن هذا الخير ، وهم يتذرعون بأني أعرج ، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة . فقال عليه الصلاة والسلام : “دعوه لعل الله يرزقه الشهادة.” فعامله معاملة المعافى بجسده، الموفورة صحته و هذا ما توصل إليه العالم الغـربي برقيه الفكري إذ لم يزد على أن عاملهم كباقي أبناءه يقلدهم المناصب و يحملهم المسؤوليات و يطلب منهم أن يكافحوا كغيرهم.
فمتى ما حدثت الضرير بشيء فعجز عن تخيله..فأنت المعاق.
و متى ما أردت أن تسمع الأصم فلم يصبو إلى مرادك.فأنت المعاق.
و متى ما عجزت عن سماع الأخرس، فلم تهتدي إلى ما يبث فأنت المعاق.
و متى لم تنظر إليهم خارج إطار إعاقتهم، فأشهدك الله و الناس أنت المعاق لا هم.
صار “وصخ” « كــــــــــــــــلمتكم
2012/03/08 - 11:12 م
[…] عنايته بمقتنياته حد الهوس، أنا أتحدث عن جاسم “أفكويو إغرس”1، أحد الشخصيات المحورية في حياتي: […]