BlackBoxQuestion
نموذج: الصندوق الأسود (لم تستبدل المعرفة بالإيمان؟)

عالمنا آخذ بالتعقيد طوال الوقت وعلى مدار الساعة، هذا بات أمراً حتمياً وغير قابل للنقاش. الأبيض والأسود، الجيد والسيء، الصواب والخطأ تم إزاحة هذا كله من قبل أنظمة أشد تعقيداً تركت السواد الأعظم من الناس في ظلام تام أو جهل مطبق.

مع التطور السريع والمعقد للعالم من حولنا، يتضاءل الحيز الكمي لما نعلمه تماما طوال الوقت، ونعني بهذا العلم الذي نفهمه ورسخ في أذهاننا. منذ عهدٍ قريب، وتحديدا في الثمانينات من القرن الماضي كان الأساتذة يحاولون جاهدين شرح طريقة معالجة الحاسوب للبيانات عبر نظام الشفرة المزدوجة لطلابهم. لكن السواد الأعظم من الناس اليوم يستخدمون التلفونات الذكية، والأجهزة اللوحية، وكذا الرقمية حتى باتت أمراً مفروغاً منه ومن المسلمات دون إدراك حقيقي، أو استيعاب كامل لما يحدث بداخل هذه الأجهزة. ماذا لو حاول عالم للشفرات الوراثية بأن يشرح لنا دقائق هذا العلم؟ بالتأكيد فإن الكثير منا سيجهل تعقيدات الجسد البشري، ولن يمضي الكثير من الوقت كي نعلم بأننا نجهل تماماً ما يحاول هذا العالم شرحه. 

نحن محاطون دوماً، وعلى نحو متزايد ب “صناديق سوداء” من المعرفة – أنظمة معقدة-لا نفهمها تمام الفهم حتى لو تم شرحها لنا. كعامة، لا نستطيع إدراك ما يدور بداخل هذه الصناديق السوداء من المعرفة لكن هذا لا يمنعنا من الأخذ بالحسبان المعطيات التي نودعها في هذه الصناديق، والمخرجات منها بل ودمجها في قراراتنا اليومية والمصيرية في بعض الأحيان. مما يعني أن الوقت الذي نمضيه ونحن نؤمن بهذه الصناديق السوداء وما يدور بداخلها من تعقيدات آخذٌ في الازدياد. والنتيجة هي أننا نولي أهمية أكبر لمن يستطيع شرح هذه الصناديق السوداء لنا بشكل مبسط من أولئك الذين يحاولون شرحها فعلياً. 

وعليه ففي المستقبل، سيغدو إقناع الناس بواسطة الصور والمشاعر هو الأمر الطبيعي، عوضاً عن المناظرات والنقاشات.  

ميخائيل كروغيرس و رومان تشابيلير 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. مبارك الغانم

    2015/06/26 - 02:44 م

    المشكلة عندي في ان هناك مجموعة من الذين يقرأون مثل كتب كروغيرس ويظنون انهم من خلال بعض المهارات في الشرح و ال “presentation” يستطيعون ان يغزون العالم. لا شك ان تبسيط المواضيع إلى صور و أشكال يساعد بشكل كبير في إيصال فكرتك لكن وراء هذه الصور و الأشكال يجب أن يقف شخص عالم تماما بالشفرة المزدوجة في الحاسوب أو دقائق الهندسة الوراثية.

    مثال ذلك قطة شرودينجر و التي ما زالت تستخدم منذ عام 1935 كأفضل صورة/تجربة ذهنية تبين غرابة مفاهيم الفيزياء الكمية. يقف وراءها إروين شرودينجر بمعادلته التي مكنت المطورين و المهندسين من استخدام مفاهيم الفيزياء الكمية لصناعة الحواسيب والهواتف الذكية.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات