و لم المقدمات؟ يكفيك أن تذهب إلى بقالة لتسأل: في بيض؟ ليضحك الهندي في وجهك ثم ينقلب وجهه متجهماً عابساً ليقول : ما في.

نعم، نعيش أزمة بيض حادة.. أزمة غيرت كثيراً من مفاهيمنا وبينت أشياء خفيت علينا أو تغافلنا عنها بدولة قطر، حتى تكشفت فلا سبيل لنكرانها. فقد اتصل مواطن ببرنامج إذاعي “وطني الحبيب” ليقول : أبشركم! ينباع صندوق البيض هنا إب 60 ريال”* و أن يتصل مواطن ليذيع لباقي المواطنين سعر البيض حسب الموقع و الزمان لهو أمر عجيب. و أن يصل سعر شطيرة البيض إلى 3 ريال في حين يبلغ سعر شطيرة الدجاج ريالين أعجب! بل في سؤالي لمحلل بيض مرموق طلب عدم نشر إسمه (شاكر من كافتريا النعيمي بمنطقة الغرافة) عن السعر الذي يتوقف معه إرتفاع البيض أجاب : ثلاثميه خمسين! *

و قد بلغ الأمر بالجمعيات التعاونية أن توعز أمر توزيع البيض لرجال الأمن بمبانيها و قد يتطلب الأمر إرسال أفراد من قوات مكافحة الشعب. آسف الشغب، إذ صار المرء منا يتعارك مع من يقول لا إله إلا الله لأجل البيض، و بت أسأل الرب جل و على ألا يحشرني في زمرة من أضاع صلاة العشاء جماعةً و هو ينتظر شحنة البيض الموعودة. كما يتم طلب هوية المشترين إن زاد حد ما يطلبونه عن متوسط استهلاك البيض المعقول (4 بيضات في الشهر).. و آه ممن أعطى صندوقاً بأسره لسائق التاجر الفلاني ، واسطة حتى في البيض! خافوا الله! و بعدين هذا التاجر (يخرب بيته) شيبي يسوي في صندوق بيض؟ صندوق يا الظالم؟

و على الصعيد الإجتماعي أنعكس لقب “البيض” للأمر الممل الغبي الرتيب، ليدل على الندرة و الجودة والمحبة و منه غناء بعضهم : “يا بيض وادي ثقيف” و أن يقول أحدهم لصاحبه : و الله إنك بيض. فيرد الآخر و قد انفرجت أساريره قائلاً : ما عليك زود حبيبي. بل حتى الأوساط العلمية تأثرت أثراً بالغاً بفعل الأزمة فسؤال فلسفي ك :” من جاء أولاً البيضة أم الدجاجة “ يرد دائماً ب:”البيضة يا حمار” كما يصفع السائل مرتين على نفس الخد.

و لا يسعني إلا أن أتفضل بشكر العاملين ليل نهار ، المواظبين في إيجاد حلول عمليه لأية أزمة إقتصادية (الله بالخير) يا وزارة الإقتصاد، حبايبنا إدارة حماية المستهلكين بأقسامها (قسم الرقابة على الأسعار، قسم مكافحة الغش التجاري،قسم الرقابة على الأسواق) : ما قصرتوا يا بيض.

همسة في آذان الإعلامين : لا تريد أن نعرف كم قرناً من الزمن نستطيع أن نمد دول العالم باحتياجتها من النفط أو الغاز، آجالنا (والله) أقصر من ذا.. أعلمونا كم يوماً سنظل على هذا الحال و متى تنفرج أزمة البيض ، يا بيض أنتوا الثانين!؟

=====================

*راجع مقال ألحان و قرآن لمعرفة أسعار البيض في دولتك.

* اختلف النحاة و اللغوين عند سماع هذه المقولة فمنهم من قال ثلاثمئة و خمسون و أسقطت الواو, و منهم من قال أن (شاكر) أبلغ من هذا و أنه قصد : ثلاثمئة خمسين أي ثلاثة آلاف ريال.