نفس بابا..

إلى الغالي مشعل حفظه الله ورعاه، وشمله بعطفه وكرمه – كما فعل مع والده من قبله -جل علاه. 

بلغت ثلاث سنوات يا بطل! مزعج ومشاكس، مخرب ومدمر وإن كان ثمةً هدوء حولك فاعلم أنها مصيبة تختمر حتى تظهر، ومع ذلك فأنا احتفظ بكل هذه التفاصيل في ذاكرتي تحت عنوان السعادة. حفظ الله سعادتي التي هي أنت، فحين أحملك نائما إلى سريرك، بعد يوم طويل من الشقاوة اعلم علم اليقين أن للسعادة وزنا قليلا، وحجما عظيما بقدر محبتي لك. السعادة تتطلب منا الرعاية، والحفاظ عليها، وحمد الله كل حين لأننا نملكها ولم ندفع لها ثمناً. 

ولدي، مع تقدم الأيام نرمي أمانينا جانبا، نطرحها لأنها تثقل كاهلنا ونحن في سعينا إلى محطتنا الأخيرة، نعيد ترتيب أولوياتنا فنحمل منها الأهم. بقي مع والدك حفنة من الأماني جلّها تحوم حولك وحول أختك، ومنها أن يبلغني الله فيك وفي ذريتك وأن تؤمنّي في صلاة دون علمك بمن يصلي خلفك فاسمع سورة الضحى منك لأنها عناية الله التي احسست بها في كل محطة ووجودك وأختك أجمل محطة في هذه الحياة. 

قيل لي أنك وقفت في جمع أثناء الأذان فصرخت: “الله أكبر الله أكبر، بصلي نفس بابا!” ثم بدأت بالركوع والسجود. جعلت فداك وجعلك الله ممن يقيمها فزادته إيمانا وقيل لي أنك كنت تصر على أن تقتني ثوبا أبيضا ونعالا اسودا- أجلك الله- نفس بابا. جئت تزف لي الخبر بابا: أنا نفسك. فاحتضنتك وهمست في أُذنك ما أعيد صياغته اليوم: 

ولدي، حبيبي.. اسأل الله بقلب خاشع أن تكون أحسن من بابا، لأن أعلم الناس ببابا هو بابا نفسه. 

وكما تجيب أسئلتي حين أقول

من عضلاته كبيرة؟ فتقول في زهو: أنا.

من حركاته سريعة؟ فتجيب وأنت تركض ذات اليمين والشمال: أنا!

من يحبه بابا؟ فتقول في حياء: أنا

من تحبه ماما؟ وتجيب وأنت تشير إلي صدرك :أنا

سأطرح عليك أسئلة، اجب عنها ذات يوم،

من يفديك بعمره دونما تردد؟ 

من يتململ إن مرضت؟

من يبذل جهده وكل ما يملك لقاء سعادتك؟

من يريد من حياته وغاية أحلامه أن تكون نقطة بدايتك؟

من يفرح بكل قصصك؟ من يشتاق دائما لرؤيتك، وإلى سماع أحاديثك؟ 

بني إن اختلطت عليك الإجابة ذات يوم فاعلم أنها: بابا دائما وأبدا. 

المحب لك بدون مقابل وبدون شروط،

والدك

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. نوال

    2016/09/25 - 09:29 م

    السلام عليكم ورحمة الله،

    ذات يوم وأنا أمشي في الطريق مر من أمامي شخص يتحدث على الهاتف ووصلت إلى مسمعي جملة يخالطها حماس واقتناع وسرور: “الله يرحم من رباه”… تأملت فيها طويلا، وقلت: ما أجمل أن يدعو لك شخص ما لا يعرفك إعجابا منه بخصال حميدة زرعتها في ابنك…

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات