إلى جهة ما.

مع اقتراب نهاية السنة الميلادية، وبدء أخرى تنتشر حمى رسم الأهداف بين الناس، والتي كنت أحد الذين يصابون بها بشكل سنوي وموسمي حتى عافاني الله منها. علكم تستغربون، لكن لم أعد أحبذ رسم الأهداف بالشكل المرضي الذي يعني بكل جنب من جوانب الحياة كأن يكتب أحدهم:
سأحصل على ثلاثة أصدقاء جدد، وأقرأ كذا كتاب منها أربع روايات وثلات كتب تعني بتطوير المهارات ودرزن بيض و حليب أطفال!
بل والله قد أراني أحدهم خطته وفيها أن بعد كذا عام سيكون له كذا من الأبناء! فقلت لنفسي عجباً! أما مر بقوله سبحانه
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ
أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)

هذا التفصيل كان دائماً يشكل هاجساً لي، فأهرع طوال العام خلف هذه القائمة. يصبح الحلم كابوساً! تصبح هذه النقاط التي وضعتها أنا بغير عقلانية وبدون موضوعية مندفعاً بحماس يتكرر في نهاية كل عام.. تصبح مع مرور الوقت حجارة أرجم بها نفسي، وتصبح المسافة بيني وبين تحقيق تلكم الأهداف سوطاً أجلد به ذاتي، حتى اكتفيت. ثم أجري بعدها لا يعنيني جودة الهدف بقدر ما يهمني أن أرسم خطاً خلاله في تلكم القائمة لأنال نوع من الرضى الذي سرعان ما يزول، فأسعى لما بعده من الأهداف حتى يلأتي العام الآخر فأضيف بعض الأهداف وأنقص بعضها وكأني بقال يبيع على نفسه فيبخسها ويغشها!
العلة في هذه الطريقة أني كنت أتغاضى وأنا انكب على سرد هذه الأهداف بكل تفصيل وإطناب تاريخي وكيف وصلت إلى حاضري إلى حيث أنا الآن وطبيعتي كإنسان! تمر بي أوقات تتفاوت فيها همتي، وتعتريني هموم وأسقام لا أفكر فيها، وقد اسلك طريقاً فأقف متأملاً روعة المنظر، لاسلك فجاً آخر يوصلني لهدف أروع مما رسمت وأسمى مما ابتغيت. اضرب لهذا مثلاً قائمة ما نويت مطالعته هذا العام، كان من ضمن الكتب رواية للكاتب عبدالرحمن منيف “قصة حب مجوسية” لم ترق لي كثيراً لكن قررت أن أمنحه فرصة أخرى، وإذ بالفرصة تفتح لي عالماً لمجموعة من الروايات بقلمه منها مدن الملح بأجزائها الخمسة، أم النذور، الأشجار واغتيال مرزوق، شرق المتوسط..وغيرها. هل أتممت قائمة الكتب الأصلية؟ لا. لكن هل كنت لأغير شيئاً مما تم؟ إطلاقاً، وأعتقد أن هذا الحسم هو جواب كل من مر بشخصية “متعب الهذال” في الجزء الأول من مدن الملح.

 

لست أدعو للفوضى، ولست أميل للكسل والدعة وقلة الهمة، ما كان هذا دأبي ولا ديدني. أحب التخطيط وأؤمن بأهميته، لكن التخطيط الذي أنشده أشبه بالخطوط العامة بلا ملامح، وأقرب قصد إلى جهة عامة لا وجهة محددة.. أترك في هذا لطبيعتي حريتها، أعطيها الفسحة للراحة والتأمل ما شائت شريطة أن تظل متوجهةً نحو الشمال مثلاً لا الجنوب. ولا يخلو كل هذا من الثقة بالله والتوكل عليه.

عل أبلغ ما عبر به أحدهم، هو عضو فريق البيتلز جون لينون إذ قال: “الحياة هي ما يحدث لك، حين تخطط لشيء آخر!”

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. عجيان. سعد

    2012/12/30 - 06:24 م

    أختلف معك هنا واتفق معك هناك ، جميل

  2. سعيد

    2013/01/01 - 01:16 م

    احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا , ولكن قل : قدر الله , وما شاء فعل ; فإن لو تفتح عمل الشيطان.
    بلغك الله مرادك و يسر امرك …

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات