إليك ولدي.

 حين سمعت دقات قلبك عبر الجهاز توقف قلبي والكون معه و توقفت أحلامي عن العدو، سكّنا جميعاً و أنصتنا لقلبك.. لا أكاد أرى أي شيء منك لكن قلبك النابض أرغمني أن ينبض قلبي معه . جعلت فداك! حين تبر والديك فيبتسمان لأعذب صوت ولم ترهما بعد.

ثم أن الأيام مرت، و اضطر أباك للسفر لكني أبيت إلا سماع صوت خافقك مرةً أخرى قبل أن أسافر بعيداً عنك و كأنني لا أصبر عنه. حتى إذا ضرب الستار بيني و بين والدتك و ألقم الجهاز فانتظرنا سماع قلبك بشوق فلم نسمع شيئاً.. و أخذت استمع لصوت أمك المرتبك يتراعد أمام هذه الأنباء التي عصفت بها من خلف الستار:

مات؟ سألت الطبيبة و لها نشيج.

 هرعت إليها نزعت الستار أكفكف دمعها فليتك نظرت إذ نظرت حينها لعلمت شدة ما تحبك. عزيتها بما ألهمت، و ليسامحني الله أن كذبت عليها فقلت أن المصاب هيّن، فلم نرك و لم ترنا أنت أيضاً فنعلم فقدك و تعلم فقدنا. رميتك بالعقوق، فذكرت قول الله عزل و جل:

 وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا ( 80 ) فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما

استرجعت، و تلقيت سيلاً من المكالمات تهون علي مصابك، لكنه الفقد ولدي فهل ظن أولئك القوم أني أفقد شراك نعال؟ و رأيتني كما يعقوب – عليه السلام – أشكو بثي لله و أرفع حزني إليه.

على أني فخور بك، إذ يمضي الأبناء حياتهم جاهدين أن يلتفت آبائهم إلى ما صنعوا. و أقبلت بكلي عليك لعظيم ما صنعت. ويحك من أعلمك بحال الدنيا إذ لم ترتضيها داراً فتنزل بها؟ أبلغك علم أباك أنها دار أولها بكاء، و أوسطها شقاء و آخرها فناء؟ ألا لله درك، و حين نبعث من بعد الموت سأضمك إلي وأعانقك و لا تعجب حينها سيعرفك أباك فهل أنت إلا بضعة منه؟ جاورت ربك و لم ترض بغير أهل السماء جواراً  فهنيئاً لك بني :

جاورت أعدائي و جاور ربه *** شتان بين جواره و جواري.

 

و بعد، فإن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و لا نقول إلا ما يرضي ربنا و إنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.

 

علمت بوفاة إبراهيم في 22 من ديسمبر ل 2009 ميلادية.

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أهم التدوينات