بسطاء عبر كثبان المملكة-1

ما الذي جرى بينك و بين ذاكم الرجل الذي لاقينا في سوق خضار جدة؟

أي واحد تعني؟

الحمال الذي كان يدفع النقود إليك و يقول لا لا..

آه.. كان يرفض أن يأخذها.

لم ؟

هنا، أخذت أفكر في العائق القابع أمامي، لم تكن ترجمة الحروف هي الحاجز لهذا البريطاني الثلاثيني من عمره، لم تكن اللغة سوى كثيب من الرمال أمام هذا الجبل الغارق في القدم من العادات التي لا يزال فهمها مستعصياً على الغرب.

لأنه يرى فيها صدقة، و كان يردد أن هناك من يستحقها أكثر منه يا تشارلي. هذا ما كان يقوله.

لكنه معدوم، أنت تعلم أنه صافي أرباحه بعد 12 ساعة تقريباً من حمل صناديق ثقيلة مكدسة بالخضروات هو ستون ريالاً فقط. كيف له أن يرفضها؟ و ما أعطيناه كان نصف عبئه اليومي!  أمر لا يصدق.

تنهدت في يأس

فاستكمل قائلاً : أمر مذهل. ألا ينظر من حوله؟ ألا يدري أي عدم يعيشه؟

ابتسمت ملقياً رأسي إلى الوراء، أظن العدم ما نعيشه نحن ” من نحن؟ نلهث خلف البلايين من الأموال، و نحسبها بعد عقود من الزمن و نحن في هذا كله نسمع رنين الذهب و كأنه بين أيادينا. أموال أعلم كيف أكتبها و لا أدري أي طبيعة تحل بالمرء إن صار يملكها؟ أو علها تملكه؟ من يدري..؟  

لكنهم هؤلاء البسطاء، يذكرون من حولهم أن هناك ما هو أعز من المال، من يقنعون بعشرات الريالات في يدهم كل يوم و لا يمدون أعينهم إلى البلايين منها بعد عقود من الزمن.

ثم كان الغد حيث سافرنا إلى الرياض.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. ريحانة العربية

    2009/12/21 - 12:46 ص

    يقول الرافعي رحمه الله:
    يا ليل، يا ليل، يا ليل *** ما تنجلي يا ليل
    القلب أهو راضي *** لك حمدي يا ربي
    من الهموم فاضي *** افرح لي يا قلبي
    يا دوب كدا يا دوب *** زي الحمام عايش
    ما يمتلك غير توب *** طول عمره فيه نافش
    الفقر ما بيدوم *** وتدوم هموم المال

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات