“و هكذا فقد لاحظنا أن مبتعثينا إلى اليابان كثيراً ما ينتهي المطاف بهم إلى العزلة و حب الوحدة أحسب أن طبع اليابانيين يسري إليهم، فهم أناس يقدسون الوحدة كما أرى. فاحذر أن تصبح أحدهم.”

بهذا ختم قريب لي نصيحته التي أسدى بها و هي يراني أنكب على حل وظيفة للغة اليابانية.

و قد انصرم ما يقرب على العام من تلكم المحادثة، وجدتني كما قال أوثر العزلة و أميل إلى الوحدة لا بغضا في الناس و لا كرهاً للجماعة معاذ الله، إنما هي ضريبة العلم أياً كانت مناهله.

قس على ذلك الرياضي، فأنا لا انشده من عضلاته و لا التفت لتناسق أطرافه بقدر ما أعجب لانضباطه في مأكله و مشربه و حرصه على التفاني أثناء تمرينه لا يثنيه كلل أو ملل على مدار الأعوام.

و لنفس السبب كنت و لا أزال أكبر للقارئ حفظه لا لقدرته على الحفظ و التمييز بين متشابهه، فكلام الرحمن لينٌ هيّنٌ بيّن إن لامس القلب حلاوته. إنما هي الأوقات التي يضربها و يفنيها تعلماً، يزهد في الجلوس بين الناس و اللهو معهم، و يؤلمه أن يهمل حرفاً كما يؤلم أحدنا فقد نقوده.

شهد الله أني رأيت بعيني هاتين من بكى ثلاثة أيام حتى خشي والده أن يهلك نفسه لأن المؤذن فتح عليه (أي صححه أثناء الصلاة) في سورة المجادلة!

ذو العقل في النعيم بعقله ___ و أخو الجهالة في الشقاوة ينعم.

نعم أفضل الكتابة بالكانجي على تبادل النكات و إرسال الإيملات (التي تنذر بالوعد و الوعيد و التخويف و التهديد إن لم ترسلها لعشرة أشخاص)

نعم أفضل أن أنصت جاهداً لأفهم حواراً بين يابانييّن على أن ألقم أذني فماً لأسمع لغواً أو غيبة.

و أفضل التعلم برغم التلعثم بلسان على فضول الكلام و إن هان علي بلسان.