ميكرفون مسجدنا.

أحد الأسباب التي دعتني إلى النزول في هذا الحي هو قرب الجامع من المسكن، الجامع الذي ما أن سألت مسؤول العقار عن تاريخ انتهاء أعمال ترميمه حتى أجاب : “الباقي حتة دين صبغ” و “حتة الدين”  يتبعها ضمير مستتر تقديره : المؤجر الغبي (اللي هو أنا) لأن “الحتة” طالت مذ نيسان المنصرم إلى قبل بضعة أيام فقط (نيسان شهر أربعة لا تكلف نفسك عناء البحث فشلتنا)  و في فجر من أيام الله حين كنت أهم بالتوجه إلى مسجد بعيد سمعت الأذان من داخل المسجد. ظننت أن الجن ضجرت فأقامت الصلاة و أرادت أن تعمر بيت الله لكن اتضح أن “الحتة” انتهت أخيراً.

 لا تصدق مدى فرحتي حالما افتتاحه بالرغم مما تبقى لكني فرحت أيما فرح! (يا هي وناسة) الصبغ الجديد الذي لا يؤذي العين، و ألواح الرخام الباردة التي تسند ظهرك إليها،و السجاد الوثير الذي تغوص قدماك فيه، حتى أقام المؤذن الصلاة فصدر الصوت عن سماعات (إنما إيه). لم يعجبني صوت الإمام حقيقة، و لم أعلم في أي طبقة أراد (قرار، جواب أم جواب الجواب) و لا أي مقام رتل الرجل (حجازي، رست، نهاوند) لكن السماعات و ما أدراك ما السماعات. يا سلام! تحسسك أن الإمام يقرأ وراء أذنك و يرقيك من مس أصابك.  

و جاء الفجر الثاني، فدخلت المسجد كأنما يتخبطني شيطان من شدة التعب، أكاد أمشي في كل خط إلا خط مستقيم أترنح ترنح الثمل (أجلكم الله) و مدى الرؤية قصير بسبب الغمص (فجر والله) فصادف أني الوحيد بالصف الثاني و قد نظرت صوب الباب فكان نفر من الناس قد لحقوا بالصلاة فقلت في نفسي لا ضير سيلحق بي أحدهم.

و إذ  بصوت يزمجر كأفلام الرسوم المتحركة اليابانية، حين هممت بالتكبير.

أنت يا أخي.

أخذت بالالتفات يمنة ويسرة..

أنت يا هذا.

سمعت شوشرة و أصوات مختلطة، أردت النظر إلى الإمام لكن بسم الله ما شاء الله كان هناك منارتين بشريتين أمامي بل قبل جبلين وعرين لا سبيل لرؤية ما وراءهما. لكن الله سَهّل فاستطعت أن انظر من خلال شق بين خصريهما إلى وجه وشعر! فقلت في نفسي : هذا الإمام.   

رفعت يدي ثم وضعتها على صدري مودةً كما يفعل الأعاجم (زي الأهبل) و أنا أقول:  صك الله بالخير حجي!

“أهلا و سهلا…” و الصوت في كل مكان.  تابع بعدها فقال : “هلاّ ذهبت إلى أقصى اليمين؟ هناك فجوة لو سدتتها”

كنت كسولاً إلى حد الجرأة فقلت : بعيد يا شيخ!

اذهب يا أخي.

حجي، 25 متر.. هذا سفر!

انصرف..

أفا! انصرف !

و أخذ جموع المصلين الشبه نائمين يلومونني قائلين: يا أخي روح!

و صرخ أحدهم : عايزين نلحق ننام يا اخوانا!

الإمام : هيا هيا!

زين زين.. لا تصارخ.

و وصلت و صليت، و أنا محشو ما بين مكيف و بين مصلي. و لشدة اعوجاجي هممت بأمر سوء: أن أعيد الصلاة لأني كنت اصلي باتجاه حائط المبكى حين استقبل الناس بيت الله الحرام!

سلمتُ و سَلِمت من هذا كله و أنا أضع رأسي على مخدتي. لم يك في صدري شيء نحو الإمام، أي نعم “مستانس” على الميكرفون لكنه على القليل في أمر خير، و بقي آلاف الميكرفونات تنفخ  في شر.. و مش حالك.

مودتي.  

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Mariam

    2009/09/23 - 12:53 م

    You reminded me of the near by Masjid. Each Ramadan, it is the next Ramadan it’ll open.
    I won’t associated the delay, 3ala 7abat deen 9b’3 or 3ala 7abat deen hotel or two built near by..
    I’ll just keep hoping it is 7abat deen youm and I shall hear the Athan so clear and near..

    In a related topic: see this, it brings tears to my eyes every time.. :’)

  2. مصعب رجب

    2009/09/24 - 12:40 ص

    ما أحلاها لو كانت بالعربية
    يا أخي الكريم
    أنت تكتب لكل من يقرأ العربية
    ولا تكتب فقط لمن يتكلم لهجتك العامية

    تحياتي
    وكل عام وأنتم بخير

  3. Raed

    2009/09/24 - 06:50 ص

    Thanks for the link Mariam I loved every second of it.

  4. Raed

    2009/09/24 - 06:52 ص

    ومن أين لي يا رعاك الله بأن غيرهم يقرأ؟ خصة و أن جل القراء يمتنع عن الادلاء برأيه، لكن على الرحب و السعة يا مصعب و ستجد استجابة لرأيكم الكريم :)

  5. Ra-1

    2009/09/27 - 01:10 م

    مبروك اللوك الجديد لكلمتكم
    :)

  6. مريم النقيب

    2009/10/02 - 04:12 م

    حاولت افهم بس تعبت :(

  7. بوشناب

    2009/10/03 - 05:12 م

    عليك التأكد اذا كان الخلل في حنجرة الامارم رضي الله عنه

    ام في بؤبؤة السماعات التي لطاما سعت وزارة الاوقاف ان تختار افضل السماعات ومن جميع الماراكات العالميه

  8. Raed

    2009/10/04 - 01:25 م

    مريم

    عندي حل بسيط، أن تنصرفي عن قراءة مثل هذا الهراء حقيقة. كتاباتي معقدة و لا تخرج على القاريء بنفع فدعيك و إياها و انهلي من مشاربها كأحلام المستغنماني، و غيرها من الكاتبات.

    و لا تعقدين نفسج مو زين.

    مودتي

    بو شناب

    إي والله عليك.

  9. بوشناب

    2009/10/21 - 12:43 ص

    اعتقد انه افضل من هذا الامام التركي

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات