عقل مسكون.

فيما يلي رواية اشتغل بها، قد انشر أجزاء منها هنا في المدونة و لا أطلب ممن يقرأها إلا أن ينقدها و يبين لي أماكن الضعف بها أو حتى ينصحني بالانصراف إلى غيرها من بنات الأفكار.

ظلمة حالكة لا يرى موضع لقدمه معها، لا يسمع سوى أنفاسه و لا يحس إلا بالهواء يندفع بين اللحظة و الأخرى، ما الذي جاء به إلى هذا البيت الطيني المهجور؟ ألم يرحلوا عن الحي الذي يقبع به هذا البيت؟ حذرته أمه من قبل ألا يلعب بداخله مع إخوانه. فما الذي جاء به؟ إنه يحس بالغبار يستنشقه، هناك أشياء محطمة في كل ركن لا بفعل الزمن بل بفعل الغضب. أخذ يدور في يأس، ينادي إخوانه و أباه دون أن يسمع جواباً :

عبد الرحمن.

يبه؟

فهد؟

التفت إلى الوراء، لم يعد يعلم أين المخرج؟ مضى زمن طويل مذ آخر مرة. سمع صوت طفل يناديه اتجه إلى غرفة فسيحة ذعر لمنظر العشرات من القطط السوداء الصغيرة و قد توقفت تنظر إليه، بل تنظر من خلاله. ثم إن الوحيدة الكبيرة منهن اتجهت نحو باب تخرمشه، و تنظر إليه. سمع صوت من خلفه يناديه :” أحمد هاي أنت؟ بطّل الباب أحمد” كانت نبرة الاستعطاف واضحة. تردد أحمد لكنه اقترب قليلاً و إذ بالصوت يلح “بطّل…بطّل” حتى مادت يداه تعالج القفل لكن الصوت ضاق ذرعاً بتردد أحمد فتغريت النبرة من صوت طفل يحتاج مساعدة أحدهم إلى مارد مغلغل في أصفاده و صوت غاضب كأنه يجمع أصواتاً متعددة ” بطّل أقولك.. أحمد”نظر إلى الوراء، حاصرته الهرر و هي تموء و كأنها هي الأخرى تأمره. خشي من أن يلامس ظهره الباب، أخذت يداه تلامس الحائط من وراءه، تقوده كأعمى يدخل مكان لا يألفه، عرق بارد يسري إلى عنقه، و القطط تنظر إليه بعيون صفراء براقة لم تتحرك و كأنها تنتظر أمر أحدهم و الصوت يحذره في غضب و يقرع الباب بعنف ” بطّل الباب أحسن لك” بلغت يمينه زاوية انتهى الجدار عندها و ارتسم له بهو أمامه بفعل الظلمة التي ازدادت قتامتها. سيعدو الآن، سيهرب. و ما أن فعل حتى قبضت يد على معصمه الأيمن و جرته إليها في تلك اللحظة فهوى، و ارتطم رأسه فأحس بألم و سواد يغلف عينيه الآن و لكنه أحس بثقل القطط أيضاً تجثم على صدره، عشرات منها و مواء قريب من أذنه، أصابعه تتحرك لا شعورياً من جراء عض بعضها. أراد أن يتحرك لم يستطع، كان يريد أن يتنفس، فأحس بأن صدره يتحطم. لا يستطيع الاستنشاق. أيقن أنه سيموت، ذعر و فجأة.

استيقظ و هو يصرخ “لا..”

كان البيت من جملة النائمين حين استيقظ أحمد فزعاً هذا المساء، فأمه و أخته في عرس ما كما سمع اليوم أثناء الغداء و إخوانه يمضون وقتاً مع صحبهم و أباه كذلك. سكون تام، لا حركة و لا قطع من الأثاث المبعثر هنا و هناك و التي تدل على أن البيت به من الأحياء ممن يقيمون الفوضى فيه. الغرفة لا زالت كما هي حين شيعها بعينين ناعستين، الكمبيوتر مثبت على برنامج تنزيل بعدادات بدت و كأنها تقيس كل ما يقاس في هذا الفضاء الرحب، التلفاز المثبت في الحائط و شاشته الزرقاء، المكيف الذي أغلق لتوه بعد أن ضغط أحمد على جهاز التحكم. مجلات هنا و هناك. ثياب مرمية على أرضية من البورسلان.

“أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم..” قالها و هو يتفحص بعينيه كل كبيرة و صغيرة خشية أن يكون “هو” هناك. شرب بعض الماء من القنينة التي بجانبه كأم تسهر على راحة وليدها، لا أحد يعلم بالتحديد متى وضعت قبل يوم أم أسبوع أم حتى شهر! إذ يغلق باب غرفته حال ما يخرج و هو أمر يثير غضب والدته و فرح خادمتهم في آن واحد و التي اعتادت أن تصرخ ” أهمد سكر باب” تأمرها سيدة البيت بتنظيف هذه الغرفة الثائرة على البيت و نظافته.

أسند ظهره إلى الوراء. أحس بالقرف من العرق الذي كان قد تصبب منه.

“لازم أتسبح..” فكر بها و هو يزفر الهواء كمن انتهى لتوه من جري مائة متر. نظر إلى علبة السجائر بجانبه “زين باقي سيجارة” لازم أصلي.. لم يكن أحمد بالشاب الذي يلقب ب”حمامة المسجد” و لكنه، كحال الكثير من الشباب يغفل عن الصلاة أحياناً و يعود لها ما أن يتوفى أحد من معارفه بحادث أليم.

نظر إلى جواله و أخذ يتفحص المكالمات و الرسائل : 4 رسائل

“ها قاعد؟ قوم نتمشى.. “ المرسل علي.

“حبيبي وينك؟ و حشتني.. ” المرسل الحب

“مرة وحدة راحت….إلى آخر النكتة” التي لم يلق لها بالاً . المرسل : جاسم.

“يا القاطع.. ” المرسل رقم.. أخذ يحاول التذكر أهي واحدة ممن عرف؟ أم واحد من “الربع” و قد انقطعت صلته به أو غير رقمه. اتصل، لكن الطرف الآخر لم يرد. ذهب إلى الحمام، أحس بشيء من الخوف. أيعقل أن مثله يخاف؟ أين الشجارات المدرسية، و الرحلات مناطق نائية؟ و السباقات بسرعة جنونية ؟ أينها لتسبغ الشجاعة عليه؟ لم رجع هذا الكابوس مرة أخرى في حياته؟

كانت أمه تنجده من قبل، فتحضنه و تطمئنه و تقرأ عليه الفاتحة و آية الكرسي إلى أن ينام مرةً أخرى لكنه اليوم أكبر من أن يستنجد بوالدته اليوم. لكن والدته علمت بعد أسبوع من رؤيته لهذا المنام، أخبرها بذلك عبد الرحمن و قد استمع للحوار بين أخيه و الشيخ الذي قدم من البحرين خصيصاً ليرقيه.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Dreamy

    2009/07/05 - 10:27 ص

    nicely written Raed
    i say Cont. plz – liked the suspense at the beginning

  2. mannouma

    2009/07/05 - 10:30 ص

    i loved it.. and for some reason i didn’t get bored from the fisrt 3 lines and i actually wanted to read the whole thing! how awesome is that! i like it.. apporved. check.

  3. mannouma

    2009/07/05 - 10:32 ص

    bahaha.. and يوليو in the date
    i read it as YO! Leo! 😀

    totally irrelevant >_>

    sorryy

  4. Mariam

    2009/07/06 - 09:18 م

    to be a bit on the critical side, the beginning as said is a bit vague, and the nightmare part was too descriptive in a way i got lost.

    HOWEVER, i think you should post the next part of it. You got people hocked..

    I am a mere reader, who throw her hat in the ring, not a literature critic ..

    Good luck

  5. Haya

    2009/07/07 - 11:23 ص

    It’s good, but I felt a lil disconnected from the story, even though your strength is being able to engage the reader in whatever genre you present. Maybe because it’s still an intro. Not sure

    While reading, I was anticipating
    – the surprise element
    – character introduction

    Hope this comes next

    It’ll be also interesting if it’s a 1st person narrator cuz of its descriptive nature. Not the author, unless it’s intentionally done this way to accommodate some events for the rest of the story

    Thank you for sharing and please keep it up

  6. Dana

    2009/07/19 - 12:55 ص

    nicely written, i loved the last part but i think the nightmare part should be shorter i dunno i got bored a little =)

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات