بريطاني يتعامل مع الجن.

 

كنت منهمك في بعض التفاصيل التي ما أن أفكر فيها حتى أشتم نفسي على السخف الذي آلت إليه البشرية بفضل التطور. يعني فرقت يا رائد قلم أحمر أو أزرق ؟ يعني الفرق يا عبيط بين هالقلم و ذاك هو اللي بيخليك تكتب إلياذة العصر؟ أهي معلقة مستودعة في قبضة هذا القلم؟ أم رائعة من روائع دويستويفسكي سأكتبها إن عانقت أناملي ذاكم القلم؟

 

و لأن المكتبة التي كنت أراودها تفخر بأنها ليست مجرد مكتبة، فهي أيضاً محل كوارع أحياناً، و لا ينقصها سوى بيع الأحذية المدرسية أجلكم الله أو “طابوق” لمقاولين المدارس . فكثير من زوار تلكم المكتبة لا شأن لهم بالثقافة لا من قريب أو من بعيد و لا ناقة لهم في الجهاز التعليمي و لا جمل. كثير من أولئك مجهول كنههم ( كنههم: قولها عشر مرات من دون تلعثم و بيطلع لك أحمدي نجاد يحضنك في المنام. ليوعدك : ما فيش نووي) مطموس مقصدهم، مبهمة حاجتهم هل هم يبحثون عن شيء؟ هم يجوبون الممرات كأنهم أضاعوا مفاتيح سياراتهم لكنهم لا يشترون حتى دبوس!

 

سمعت جلبة، رأيت بنتوته شقراء صغيرة يا حلاتها تبدأ في البكاء، لكن بكاء أطفال الغرب فيه نوع من الموسيقى، يعني إن أنت أمهلت الطفل الباكي سيتضح لك مقام للنواح و تكرار ل”حنة” معينة تستطيع إضافة آلة أخرى لتضفي نوعاً من الرونق عليها آلة ذات طبع حزين كالناي أو الكمان. حتى الموثرات الأخرى كتناسق هطول الدمع، و انسجام البدن كله في التعبير عن الرفض و التظلم و الشجب يبدو كأنه قطعة فنية راقصة لا تملك إلا أن تصفق لها و تقول : “برافو، و لك اللي تبينه. “

 

لكن الأب الكافر بالنعمة و الذي كان يحملها، بدا كأنه منزعج بعض الشيء فلم أجد بداً من أن تمتد يدي إلى دباسة قريبة مني لأناوله إياها ” ضربة عالسريع لا منشاف و لا مندري و تفوق من غيبوبتها البريئة في البيت” و تضحكون على البراءة كلما تحسست رأسها بعد عقود من الزمن كما أتحسس رأسي الآن و يضحك بعض الأشخاص في عائلتي و لا أجد الأمر مضحكاً اطلاقاً.

ثم أبعد الأب ابنته عن صدره دون أن يهزها، دون أي تعبير يدل على الغضب و نظر لها قائلاً : STOP IT دونما انتهار، دون أن يصرخ كضيوف برنامج الاتجاه المشاكس على قناة الجزيرة فما لبثت البنت إلا و قد عانقت أباها مرةً أخرى و كفت عن البكاء دفعة واحدة.

ركضت وراءه، همست بجانبه أسماء لشيوخ قبائل الجن الأزرق كنت قد قرأتها في ألف ليلة و ليلة ، لكن الرجل لم يبدي أي رد فعل تجاه هذه الأسماء، فوجدت نفسي أشير غضباً في وجهه :

اسمعني أنت و بنتك، بتقولون الاسم بتقولونه، ايش يعني بس تربية ؟ العب غيرها.. يا حبيبي أنا عندي واحد من أبناء خالاتي، حجمه لا يبلغ حجم شيء تستطيع أن ترميه على بني آدم فيقتله، صراخه أقرب للعويل ما يخرج من أنفه أثناء النشاز القريب من ارتجال “شعبله” أكثر مما يخرج من عينه. و هو بين ذا كله يرمي نفسه على الأرضية الصلبة فيشدخ رأسه، و يبدأ بالبكاء لأن رأسه يوجعه.. لا آلة و لا ضجيج يصحب نشازه سوى صوت أباه و هو يقول : سكتوا الولد. و صوت أمه : بس بابا بس حبيبي، رائد ما بياخذ الثلاجة.

ايه الثلاجة ! الأحمق يظن أني سأهم بحمل ثلاجة بيتهم إن لم يكف عني! أية شيطان وسوس هذه الخرافات في عقله. فلا تقل حضرتك أن عبارة STOP IT كانت مجردة دون طلاسم أو سحر يتبعها.

 

 

هنا انتبهت إلى أني كنت أشير بقلمي الأزرق أبو مسكه حين فكرت في هذا كله، فتركت هذا الكافر و ابنته و سألت موظف المكتبة الذي كان يشرح خصائص الطوب و القرميد لعامل بناء : في أقلام بمسكات غير؟ أبي أقلام أكثر.

 

 

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Haya

    2009/04/13 - 01:45 م

    This reminds me of a discussion I had with a 70-something-year old foreigner criticizing Arab women’s inability to negotiate.. sub7anAllah.. their kids grow up unable to nag and drag (express themselves) to get what they wanted as much as we did as kids and all in a sudden they find their way to become outspoken and undefeated negotiators.. it makes no sense to me

  2. متفرغ

    2009/04/13 - 03:19 م

    الله يخلف علينا ما نسكت الا عقب تجعم و صراخ و هواش …. حتى فصياحهم مأدبين مب احنا … على ايام الطفولة الغابرة اوقف يم الوالدة و اصرخ من قمة راسي يمااااااااااااااااااا ابي هاللعبةةةةةةةةةةةة و ماسكت الا عقب ما ينغسل شراعي :(

  3. Arabian Princess

    2009/04/13 - 10:05 م

    كنت دائماً أتسائل ما سر هدوء نغمة بكاء أطفال العنجليز وما سر هذه السيطرة التي تكون عند أباءهم .. فبمجرد أن ينهرهم حتى يتوفقوا عن البكاء!
    ولكن هل شاهدت سوبر ناني SUPER NANNY? تبين أن أطفالهم أجن من أطفالنا .. بس متخبيين :)

  4. raed

    2009/04/16 - 09:16 ص

    Heya,

    awesome comment honestly never thought of it this way

    To do list :

    think of why this is happening and write my own thoughts about it.

    متفرغ

    :)

    AP

    الحزم عند الآباء يفرق.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات