دموع فتاة و كبرياء رجل.

سمع صوت عجلات السيارة تصر و تحتك بأرضية مدخل البيت حتى الإطارات ينحن هذا المصاب. رفع رأسه بعد أن كان مطرقاً، كانت عيناه الزجاجيتان اللتان غفل الزمان عنهما فلم يصبهما بكبر  تتوقدان غضباً و حسرة، فالرجل  بداخله غضبان و الأب بداخله يتأوه لحال ابنته.

عادت إليه تزف خائبة، و هي مثقلة.. لمح حقائبها، و شيء من الذل و الندم تحمله معها. اختلطت الصور بعينه فهو يراها ابنة خمس، و قد تعثرت و جاءت تبكي ألماً لا شابة حطمت حياتها حين قررت الارتباط بهذا الدنيء  برغم  تحذيره و ترغيبه.

هي لا تنظر لشيء سوى عصاه التي أسند راحة يمينه عليها و هو كالصخر لا يتحرك. لكنها تحس بنظراته كالسياط تمزق جلدها، أيطردها؟ أيعنفها ؟ أيصرخ في وجهها قهراً؟ تذكرت كيف أنه نزع هيبته في ذلك اليوم لقد  رجاها بالله أن تعدل عن رأيها و لم يرج الناس ذات يوم، لقد رأت عيناه  تغرورقان بالدموع حينها فلم ترحم هذا الشيب في وجهه و لا تلك العاطفة في قلبه. أبقي شيء لم يرغبها فيه؟ أثمة عذاب لم يرهبها به؟

“لا .. أنا راضية فيه و بيحميني،  هو بيسوي كل شي عشان يسعدني. ما أبي أتزوج غيره”

أما قالت هذا لعام بأسره؟ و كم دامت فرحتها؟ عام..  فلأي شيء يرحمها أب أنكرت عليه عاطفته فلم ترحمه؟

نظرت إلى أمها ماثلة بجانبه … و قد حارت هذه المسكينة بين عاطفتها و الامتثال لأوامر زوجها. كيف لها أن تنطق و قد نطقت من قبل بأن هذا الشاب خير من ترتبط به ابنتها، “بيتغير .. و الله هداه” فما هي قائلة الآن؟ لذا راحت دموعها تنهمر و هي تنظر لابنتها عاجزة.

سيشمت بها لا محالة، سيرميها بكلمة تموت معها كمداً هكذا راحت  تفكر العروس و هي تقترب منه. نعم، قد حذرها عندما نزل عند رغبتها “ إياني و إياج ترجعين  و خبز  بتخبزينه أكليه” ألا ليته يأكل عنها هذا الخبز العفن، ليته يغص به فيموت قبل أن تقضم ابنته كسرة من هذا الخبز الذي خبزته.”

“يبه..يبه”  هي تريد أن تلثم يده، أراد أن يجر يده لكنها جثت على ركبتيها وجهشت في البكاء متعلقة بها، و قد أخذت تقبلها، ليصفعها ما أراد “استاهل الضرب، بس خله يعبرني” هذه أمنيتها و ذاك هو رجاؤها الوحيد.

أحس بدموعها تبلل تعاريج يده، رفع  يده اليسرى على رأسها دون أن تحس بها أخذت يده ترتعش و تتردد أراد أن يلامسها لكن حاجز الكبرياء حال بينه  و بينها و إذ بيد زوجته تدفع  يده فتكسر هذا الحاجز ليربت الأب على رأس ابنته ، و راحت الأم تكفكف دموعها بخمارها.

ثم أنه رفع ذقن ابنته و مسح دموعها قائلاً : “ البيت و قلب هالشايب ما يصكون بابهم في وجهك يا بنيتي..لو ما صار”

تمت؟

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات