هذا ما حصل حين أردت العمرة-2

و إذ بخوالي و أزواج خالاتي يقبلون متهللي الوجوه.

“سنذهب.” همس من بعيد رجل منهم.

كأن الدنيا انفرجت حينها، و والله لو أعطيت أحدهم أموال الدنيا قاطبة بهذه البشرى لكنت مقصراً.

وجدنا 14 كرسياً مغادراً الليلة على خطوط الإتحاد الإماراتية، و البقية على كراسي الخطوط القطرية في اليوم المقبل. قبلت رأس أمي و جدتي رأتني خالتي من بعيد سمعتها تدعي أن يكتبها الله لي هذه المرة و مضيت و أخوالي لا نلوي على شيء، فنحن متأخرون و الطاقم الأرضي بصدد إقفال البوابة في غضون نصف ساعة.

“اذهب من هنا، لا اذهب من اليسار لا تأخذ طريق الكورنيش، من هذا الشارع من ذاك.” كأن خالي بو محمد سائق رالي و كأني مساعده و دليله في رالي دكار.

ألو .. هلا قولوا له ينتظر 10 دقايق، قولوا له يأخذ اسامينا.. ما يصير زين حاولوا معاه يأخر موعد البوابة كم من دقيقة.

لاذ كل منا بالدعاء، باقي إشارتين و من الزمن 5 دقائق! و لا أدري من بظهر الغيب سأل الله أن ييسر لنا فكنا نصل إلى التقاطع فتقلب الإشارة خضراء، يبدو الأمر سخيفاً و أنا أسرده الآن لكن حينها ما كان شيء ليسعدنا و تنشرح له صدورنا كهذه الألوان الخضراء، وصلنا بأعجوبة… عانقني رجل ممن انتظروا بتذاكرهم فلم يذهبوا إلى حيث البوابة فرحاً بوصولي في الموعد : “الشيخ رائد” تهلل وجهه و والله أحفظها لأبي عبد الرحمن ما حييت أبداً و أرشدنا :” هناك، يلا ماصدقنا على الله خذ أساميكم بالزور.”

ركضنا، دفعنا تعريفة التذاكر و دعوني أتعرض لحادثة بسيطة : ذاك أني أبقيت على بعض المال في محفظتي و قد افترض أن أعطيه أحدهم قبيل ليلة لكني نسيت و حين اتصلت به رفض و قال : “بعدين يا أهبل” و غضبت لأني نسيت أن أدفعه، فكان هذا المال كافيا لتغطية ما تبقى من ثمن التذكرة دون أن نتعطل في الذهاب لآلة السحب، قد يبدو الأمر عادياً و لا يدعو للعجب لكنه يحمل في طياته كثيراً من الثقة بالغيب و أنه للأحسن و لا شك. انطلقت إلى حيث تدقيق الجوازات، انتهيت حتى إذا أقبلت رأيت الأربعة عشر المفترض بهم السفر و قد أشاروا إلي من بعيد و هم فرحون مسرورون يهتف بعضهم بإسمي و يسألني بعضهم عن أخوالي فقلت هاهم يأتون.

أخيرا بنروح؟

قلت: لا بعد حتى أطوف بالبيت، حتى أطوف بالبيت.

جلسنا بالطائرة الكل فرح و الكل سعيد بأن الله مّن عليه بالسفر. و جلس أبو عد الرحمن بجانبي، فقلت له: أرأيت إذ أراد الله أن يعلمنا درساً؟ أبأموالنا؟ أم بالطائرة الخاصة نصل؟ لا.. و الله ما نصل إلى بإرادته فأراد تذكيرنا ما غفلنا عنه و أراد منا التعلق و الرجاء، من منا لم ينكسر الليلة بين يديه؟ من منا لم يتعلق برحمته و يسأله أن يتفضل عليه فيأذن له بزيارة بيته الحرام؟

فقال و الله حق ما قلت، و صدقت.. فسبحان الله.

أقلعت الطائرة، ثم أنها و بدون مقدمات هوت! إي و الله حتى طارت غتر القوم و عقلهم. و جزعوا.. و بما أني متعودة دايما و قد مر بي سقوط طائرة أشد من ذا فقد اكتفيت بالذكر ثم أني قلت لهم، يا أخي لنفترض أن الطائرة سقطت بنا.. أليس هذا موتاً يحق للمرء أن يقابل الله به يوم القيامة! أعبثاً نقصد؟ لا و الله هجرنا أوطاننا و أهلنا و ارتضينا قطعة من عذاب (يعني السفر كما و رد في الحديث) طلباً لزيارة بيته.

حتى وصلنا محطة السفر الأولى في إمارة أبو ظبي، و بعدها تفرقنا سبعة في كل طائرة فكانت الطائرة الخالية من الركاب من نصيب الكاتب، فلله الحمد و له الفضل. ثم و صلنا فجراً فصلينا، و طفنا بالبيت فوالله رأيت ذلاً بين يدي العزيز، و رأيت خضوعاً بين يدي الجبار لا تنكره عين و لا يجهله قلب بل أني كنت أرى أحدهم تدمي رجله فيشير المعتمرون إليه و هو غير آبه بجرحه سعيد بلقاء ربه و هو يسعى بين الصفا و المروة و كنت أشاهد الآخر يزاحمه أقوام و قد كان قبلها فظاً غليظاً و إذ به يستغفر الله لهم و يبتسم في وجههم. فقلت : أدبنا، ثم أذن لنا بالوفود عليه جل جلاله.

تقبل الله منا و منهم و منكم كما يتقبل من عباده المتقين.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Haya

    2008/09/12 - 10:39 ص

    سبحان الله

    I can so much relate to what happened in your trip.. I’ve been to Mecca only once and faced several obstacles on the way, but wallah that came when I needed it the most.. Absolutely no words can describe the feeling once you reach there and perform your 3umrah, add to that being so grateful for the immediate answer to your du3a.. Reading through your post reminded me of that feeling.. Allah yakteb lena elHajj this year

    Lesson learned: to keep up the good prayers & TRUST that the best of the best will happen :)

    تقبل الله طاعتكم

  2. ورق مخطط

    2008/09/12 - 04:46 م

    ماشالله

  3. Musouka

    2008/09/13 - 08:30 م

    تقبل الله طاعاتكم وجعل سعيكم مبروراً مشكوراً

    لازم شوية صعوبات عشان تتذوق حلاوة الجائزة، وكما قال تعالى في محكم تنزيله: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)

    عموماً، المثل الخُنفُشاري يقول God Works in Mysterious Ways

    At least, he gave you a story to talk about

  4. القطوية

    2008/10/07 - 09:15 م

    “أرأيت إذ أراد الله أن يعلمنا درساً؟ أبأموالنا؟ أم بالطائرة الخاصة نصل؟ لا.. و الله ما نصل إلى بإرادته فأراد تذكيرنا ما غفلنا عنه و أراد منا التعلق و الرجاء، من منا لم ينكسر الليلة بين يديه؟ من منا لم يتعلق برحمته و يسأله أن يتفضل عليه فيأذن له بزيارة بيته الحرام؟”

    الله، الله! :)
    تقبل الله منكم.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات