النبل و المال.

إهداء:

إلى المعتوه الذي ذكرني بما أنسيت.

شكرا..!

===

أذكر إذ كنت صغيراً بضاحية من ضواحي مدينة الضباب (أرستقراطي من يومي) أذكر هذا الرجل في الستين من عمره و قد زاد البرد من حدة تقاسيمه و كأن الدهر نحتها نبلاً، عيناه زرقاوان كأنما هي زجاجتان قد علقتا بمحجريه، لكن كان يكفي أن ينظر إليك لتعلم أنه يحييك أو يزدريك، و شعره كتان أبيض خفيف تظن أن الريح تكاد تقلعه إن عصفت به.

مر بي ذات يوم تقوده عصاه الخشبية ذات اللون الداكن، و قد تدثر معطفاً أسوداً و من خلفه سائقه بزيه المعتاد. توقف نظر إلي بإمعان ثم سأل بلكنة إنجليزية ثقيلة :

أيها الصبي، كيف حالك اليوم؟

بخير سيدي شكراً لسؤالك و أنت؟

“على أحسن حال. نايجل..” لفظ الاسم بصوت حازم آمر ينادى سائقه.

“هلّا أتيت بالسيارة، لا أشعر أني أستطيع المشي كالمعتاد.” نظر إلي فقال : “حين يكبر المرء تخونه رجلاه ثم يداه إلى أن يخونه قلبه يوما ما” و ابتسم.

“بكل تأكيد سيدي.” قال السائق، ثم انطلق إلى السيارة

حياني من بعدها وتمنى لي نهاراً سعيداً، مضى و شأنه راكباً هذه السيارة الباهظة الثمن Rolls Royce سوداء..

حينها، أردت أن أركب Rolls Royce و أن أرتدي معطفاً أسوداً، لكم راقني هذا المشهد من بدايته حتى رأيت المباني تنعكس على سطح السيارة و هذا اللورد جالس يتصفح الجريدة بداخلها.

العز حلو… إذا لا بد لي من الحصول عليه.

حتى مر الزمن، و من عاش منا حفنة من السنوات علم سرعة انقضائها. رأيتني و قد نزلت من سيارتي المتواضعة فأدركت شاباً راكبا Rolls Royce من طراز Phantom و هو مكتنز أقرب للبدانة منه للاعتدال، و قد أخذ و محدثه يشربان شاي الكرك (و أنا من محبي و مشجعي و مدمني الكرك) و يضحكان بصوت رقيع وكأنما مر كلاهما بالصراط و هما على عتبة الجنة! ثم جعل يصرخ “رفيق…رفيق” و بعدها ألقى بعقب السيجارة التي يدخنها أرضاً و انطلق بسرعة يكاد يتسبب في حادث لكني عذرته حينها لأن الطريقة الجنونية التي كان يقود بها سيارته كانت تدل على أثنين لا ثالث لهما: فإنما دعي سيادته إلى نفير من قبل الإمام، أو أن حرمه المصون تضع مولودها الأول.

عندها تيقنت، أن النبل الذي رأيته سابقا لم يكن ما يشتريه المرء بمال بأي حال من الأحوال.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. ابرار

    2008/09/10 - 09:32 م

    تصدق؟
    عمري ماشفت ثري ونبيل!
    طيب ليييييييييييييييييييييييييييييييه؟؟؟؟؟

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات