ضعيف و ما تقدرش!

بالرغم من دهشة كل من يعلم بالأمر إلا أني لا أنكر متابعتي للرسوم المتحركة اليابانية Anime و لن أسهب في الدفاع عنها ولا عن سبب إقبالي عليها، إذ يكفيني من ذا كله تعلمي لليابانية من خلالها.

و قد استوقفني مشهد تاريخي لأحد مسلسلات ال Anime، و فيه يظهر قائدان تاريخيان من فرقة الشنسي جامي* عرفا ببراعة حملهما للسيف، هما Okita Sōji و Saito Hajime و قد أوكلت لهما مهمة قتل حدث في الرابعة عشر من عمره يدعى Kawakami Gensai و هو شاب عرف ببراءة ملامحه، بل تنص الروايات أنه كان أمردا لكنه اشتهر بأنه واحد من أربعة اطلق عليهم لقب Hikitori أي سفاح في القرن التاسع عشر من الميلاد*، ومما روي عنه أن سيفه كان لا يرى لسرعته بل أنه كان الوحيد الذي أوكلت إليه مهمات الاغتيال لعدم اشتباه الحراس به.

و قد كان Okita يحصد أرواح من ينازل في تلك الليلة وهو يحدث نفسه “لا، ليس هو .. ” إذ لم يتراء الإثنان قبل تلك الليلة مطلقاً و لم يقبل سيفه أن يكون Gensai ضحيةً له بهذه السهولة، و ما أن وقع ناظر Okita على شبح من بعيد حتى جعل يحدث نفسه : “جرح في وجهه، و هدوء يغشاه لا بد أنه هو” و أقبل عليه بكل ما أوتي من قوة برغم مرضه في حذر و حيطة، و هو مبتسم سعيد بسماع صلصلة سيفه يرتطم بخصم يصغره سناً و يفوقه فنا فكانت حيطته و اصغاءه لنصح Saito سبباً لنجاتهما معاً من براثن هذا السفاح.

و عل إعجابي بعدم الاستخفاف بالند، بقية لموروث شعر جاهلي يكبر الخصوم و ينزلهم قدرهم بل يباهي بقوتهم، فإن غُلبوا كان فخر و نصر و إن غَلبوا فما من لوم إذ وجد عذر. كوصف عنترة لأحد أعدائه :

وَمُدَّجِـجٍ كَرِهَ الكُمَاةُ نِزَالَـهُ**لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلاَ مُسْتَسْلِـمِ

و هذه الحيطة في التعاطي مع الأعداء هي مناط الحكمة في التعامل معهم، و عين الرأي عند منافستهم ونزالهم، فأنت إذ استصعبت سهلاً، هان عليك إذ واجهته فعلمت حقيقة أمره و إن حاذرت خطراً تجنبته و نجوت. و استعلموا التاريخ يخبركم كم من الحروب خسرها من كان أكثر عدةً و عدداً لا لشيء سوى لاستهانته بمن هو أقل عدةً و عتاداً.

لكن الحشيش (بزاته) هو من أخذ عدوه ينكل به في كل جمع قولاً و فعلاً، ويستغني عن التآمر ضده فيأمره عياناً، بل يذله و يهينه و يهدده و يتوعده و يتدخل في كل شأن من شؤونه. فهو ضعيف مهان لا يقام له وزن فإن جاء يصف من يسومه سوء العذاب قال : “ضعيف…، و ما يقدرش!”

*( تقدر تقول حرس الإمبراطور – للقطريين هاذول لخويا فرع اليابان لباقي دول الخليج الحرس الأميري، الحرس الملكي باختلاف المسميات)

* الميلاد مزعوم و لا يصح تاريخياً لكن نذكره تحت المبدأ الفلسفي (ما تدقش)

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. ورق مخطط

    2008/07/08 - 10:43 م

    عندما اعتقد ان احدهم هو ند لي
    فمن الطبيعي ان آخذ الحيطة و الحذر
    فلا يحسب على المرء كونه ندا
    الا اذا كان بنفس مستوى الخصم او اعلى

    لماذا يرتبط الموروث الياباني دائما بالقتل و الانتحار و الهاراكيري ؟
    لا ادري هل هي ملاحظة صحيحة ام على العكس تماما و لكنها
    لوحظت على اية حال :)

    شكرا رائد

  2. Musouka

    2008/08/06 - 11:06 ص

    متأثر واجد بـ”كنشين” :)

    الـOVA أحسن من المسلسل.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات