هديل

إلى صاحب : وداعا هيا.

هكذا توالت الأخبار تباعاً “هديل في غيبوبة، ادعوا لهديل و لوالديها، والد هديل شكر كل من قام بالسؤال و يطلب منكم الدعاء، والد هديل يسأل إن كان أحدهم على علمٍ بمن يستحق الصدقة، ماتت هديل.. الله يرحم هديل وداعاً هديل.. لن ننساك يا هديل”

و الحق يقال فقد قام المدونون بتغطية شاملة عنت حتى بتصاميم لوحات يعلقها المدونون على أكتاف مدوناتهم، و دعوات بعدم حذف هديل من أية قائمة في محاولات لإحياء ذكراها. علك تسأل: أكلهم اطلع على فكر هديل-رحمها الله- أو واظب على زيارة مدونتها؟ أكان لها هذا المدى من الإقبال؟ لا أدري… لكن هذا ما أدري إن أردت أن تعرف حقيقة الباعث لكثير ممن أخذ على عاتقه كتابة شيء..أي شيء عن هديل.: أن انتزاع الموت لها دونما سابق إنذار و على عجل كأنما غفل عن قبضها فعاجلها قبل أن يلام على تفريطه جعل كل مدون يقيس الأمر على نفسه، أهي أنانية، أستاذي المكلوم؟ علها تكون كذلك، حقيقةً لا أدري، و في كل هذا آثرت الصمت، صمت الحجارة تنظر لبني الزمان على الرغم من عرضتي للذم من قبل أقوام هم أكثر لباقة و أشد إيمانا.

استحلفك أيها الدكتور أتنفع التعازي الآن؟ أتضمد الكلمات جراحك؟ أتعيد وهج قلبك المنطفئ؟ كيف لي بفهم مصابك و قد مشيت في جنازتها لا في عرسها، و أسلمتها للحدها عوضاً عن زوجها؟ أليس الأمس قريباً؟ أما حملتها صغيرة إلى سريرها فواه لعظم مصابك و أنت اليوم تضجعها في قبرها، بربك أليس الأمس قريباً؟ كيف بك و أنت تستعيد ما يثير الولد في نفس أبيه من مشاعر بالفرح و الحزن والغضب و الحنان وشيء من الصرامة والقسوة و أنت في كل ذا لا تعجب من نفسك بل تجل هذه المبدعة الصغيرة التي استثارت فيك كل عاطفة حتى الشعور بالعجز والتسليم وهي تسدل الستار أخيراً. نعم ستجد أقواماً يعللون المصاب، و يبشرونك بالأجر على الصبر و ستجد آخرين مثلي يؤثرون الصمت لا يهتدون لكلمة و لا يعلمون ما يهون عليك لأنهم جربوا الفقد و جثوا على قبور محبيهم من قبل.

مسكينة هديل إذ خذلها الناس و هي حية، و تخذل من بعد ميتة. أكان العلاج  في الخارج ليمنع ما قضى الله في كتابه؟ لا، و آمنا بالله و قضاءه بخيره و شره، لكنه كان سيدفع الملام عن أقوام و يسد الباب في وجه ألف ” لو” تناوش نفساً مهدودة بداخلك. ألا قبح الله اللوائح و القوانين و كل علة جعلت من الوطن يخذل مواطنيه، و هل كان الوطن إلا مواطنين يجمعهم رابط غير اللوائح؟ وبعدها، سيمحى أثرها، ستجد الناس ينسونها و كأنها لم تكن يوماً لا تغضب حينها فأنت أعلم مني بأن الأحياء ينسون موتاهم إن لم يكن اليوم فغد و إن لم بالغد فبعد غد خلا قلبان شرخا و كبدان صدعا و نفسان ثلمتا فلا شيء يجبر الكسر أو يرأب الصدع .

جدد الله جمعكما في دار لا حزن بها أو وجع.

رائد

معطوب إلى النهاية

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. غير معروف

    2008/05/29 - 09:37 ص

    آثرت الصمت مثلك .. لا أعلم الأسباب ولكنه شعور بالذنب وشعور بالخوف في أدخل بين هديل و أهلها وأصدقاءها في لحظات يكونون فيها في أضعف لحظاتهم .. لم أؤمن أن كلمة مني ستخفف مصابهم .. فمصابهم مذ وقوعها في الغيبوبة كبير ..

    رحمك الله يا هديل .. وأسكنك فسيح جناتك

  2. Arabian Princess

    2008/05/29 - 09:38 ص

    that was me ..

  3. ندى الجنة

    2008/06/02 - 01:30 م

    عندما كانت هديل – رحمها الله في غيبوبة.. كنا في حالة تشبه حالة ابو هديل.. و كنا بأشد حاجة لمن يواسينا.. و كنا لأشد حاجة للدعاء حتى لو كان من صغير او متوه او او ..
    و كم كان يؤلمني ان ارى احد ساكنا .. لا يتحرك .. هل كنت اطلب المستحيل؟ ادعوا لخالي في غيبوبة!
    فاعتقد ان في هذه اللحظات الصمت لا يجدي.. ولكن قد يؤلم ..
    اي كلمة قد توا سيي و تخفف الألم ,, او تنسيه حتى للحظات على الأقل
    ..

  4. Ra-1

    2008/06/04 - 01:53 م

    I tagged you :)

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات