إلى الغالي الذي باعني.

إلى الذي أمضيت عمري كي يعيش خيراً مما عشت.

أي بني، ها أنا مضيت و شأني، تاركاً ورائي سراباً و أحبابا. اعلم إنك ما أن تقرأ هذه السطور حتى أكون جزءً من ماضيك، فوا حسرتاه إذ لم استبق أي من الذكريات معك، فمذ ولادتك عاهدت نفسي ألا تحس بالجوع الذي أحسست ولا بالفقر الذي عاينت و عانيت. فجعلت اجمع المال يمنة و يسرة، و أغدقه عليك حتى صارت علاقتنا بسيطة يحكمها المال فإن منحتك إياه زادت محبتك و إن منعتك كرهتني بسبب فقده!

و اليوم ضاع كل شيء.. فجعلت تنكر أمري و تتذرع بمشاغل الدنيا عني، أسفي كم داهنت خساس الناس، كم رشوت و ارتشيت طلباً للمال الذي كنت أحسن جمعه ولا تحسن سوى إضاعته. بعت آخرتي بدنياي فصرت كفقراء اليهود لا دين ولا دنيا طلباً لرضاك. ألا فليلعنني أهل السماء لعناً و قد صرت كقول أحدهم :

لست الملوم أنا الملوم لأنني … أنزلت آمالي بغير الخالق

ولدي، وقد تجمع الأطباء من حولي يظنون أني فقدت عقلي و قد سال دمعي على يدي قبل أن يسيل الحبر على هذه الورقة التي قد تقرأها. يسألونني أأستطيع الكلام؟ و هل ينفع الكلام الآن؟ ما فائدة الآه أبثها فلا يتأوه ولا يأبه لها أحد..

(كلام خاص بعائلة كاتب الرسالة رأيت أن أتصرف بحذفه)

ولدي عل أغلى ما أقدمه اليوم من نصح لك هو أن تخلق أسباباً غير المال تربطك بولدك حتى إذا عدمت المال لم تعدمه.

والدك ..

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. القطوية

    2008/05/14 - 02:31 ص

    آه. تكلمت، فضربت، فأوجعت ذا الفؤاد!
    شكرا لهذه الحروف الصارخة بالحكمة.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات