حتى إشعار آخر

قرأت كتب الملوك و الخلفاء و عهودهم المعطاة، و وثائقهم الصادرة، و أوامرهم المملاه مذ عهد الملكة حتشبسوت إلى يومنا هذا ما نقش على الجدر (للأخوة الخليجين : جدر جمع جدار يعني طوفة مو جدر الوالدة اللي تسوي فيه هريس) و خط على البردي، و ما استودع الصحف إلى ما هو مطبوع منها و مرسل عبر البريد الإلكتروني فما وجدت شراً من عبارة “حتى إشعار آخر” حتى بت أتوجس منها و أستعيذ بالله من يذكر اسمي بكتاب ذيل بتلكم العبارة!

فالعبارة لا تستخدم في موضع الخير كأن يقال “تم زيادة رواتب الشعب بقدر الضعف. يعمل بهذا القرار من تاريخ إصداره حتى إشعار آخر” و لكنك تجدها في القوانين التعسفية خاصة ما يطرأ منها على حين غفلة، كأن يحظر التجوال “إلى إشعار آخر” بسبب أعمال شغب. زد على ذاك، أنك لا تراها تستخدم في ما يدرس من القرارات بل هي أقرب للعشوائية منها و الذعر من التريث.

 و هي بلا خلاف تدل على شك صاحبها و عدم تيقنه من جدوى أوامره أو لوائحه إذ أنك لا ترى طبيباً يأمر بإعطاء جرع من دواء ما حتى إشعار آخر! والقضية في أصلها ترجع إلى التعميم أو التقييد. فالتعميم يفيد الجهل بالشيء، و العجز عن فهمه على خلاف التقييد. إذ يفيد التقييد على الجزم، و الجزم يدل على الحزم ولا حزم بلا دراية أو معرفة.

 أما المضحك المبكي في الأمر، فهي الأهمية التي ينالها الأمر الذي أصدر الإشعار بسببه لكن سرعان ما يدخل غياهب النسيان فيطوى أمره، و ينسى ذكره، إذ لا يعني الإشعار لصادره أي شيء و إلا ضرب له أجلاً محدداً فعندما تريد لقاء شخص تحبه فأنت تضرب له موعداً محدداً بعكس ما تتملص من رؤية أحدهم فتحلف له أيماناً أنك ستراه متى ما سنحت الظروف بعبارة أخرى “حتى إشعار آخر”

و بين إشعار و آخر تحترق قلوب، و تنقطع آمال، و تترقب نفوس..

صبرنا إلا أن مل من صبرنا الصبر … وقلنا غدا أو بعده ينجلي الأمر

فكان غد عمر ولو مد حبلـه   لانطوى في جوف هذا الغد الدهر

و يا ليت شعري هل رأى أحدهم الإشعار الآخر ذات يوم؟

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. باغي الشهادة

    2008/05/05 - 08:45 ص

    موضوع جميل.. وأهلا بأهالي قطر. كنت عندكم قبل أسبوعين لمعرض المال والاستثمار.

    الشاهد.. عندنا بالكويت أجلوا إلزامية التجنيد أظن حتى إشعار آخر، فجاءت الكلمة بموضع خير لا بقوانين تعسفية كما هو الأغلب :-)

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات