سألني أحد الأصحاب ذات يوم فقال : هلا بينت لي عيوبي؟
فقلت : يا رجل إنما أوكلت لي مهام أعدائك فهذا من اختصاصهم.
فقلت بعد أن ألزمني و استحلفني و أعطى رفقتي الأمان : ” إنما علتك هي موهبتك، و أنت بالنسبة لي أتعس خلق الله قاطبة إذ علمت مدى موهبتك لكن يعوزك الانضباط! فالواحة و السراب سيان لك، كلاهما بعيد لن تبلغه!
فكم من أناس تواضعت موهبتهم أمامك فبلغوا ما بلغوا و لم تبلغ أنت معشار ما بلغوا، أما سألت نفسك لم و كيف؟ نارك تخبو مع الأيام و نيرانهم تسعر. أنت كالزهرة، جميل لونها شذي عطرها لكنها سرعان ما تذبل و هم كالنبتة الضعيفة في مهدها حتى إذا وقفت أمام الرياح و قاومت حرارة الشمس وبرد الشتاء و كل ما قد يجتثها صارت شجرة ذات ظل و ثمار تعمر مئات السنين.
صاحبي إن أنت رأيت حافظ كتاب الله، أو الرياضي ذو العضل المفتول فلا تعجب لتوقد ذهن الأول ولا تستغرب لقوة الآخر إنما أكبر فيهما العزم و الإرادة، و المثابرة لتحقيق أهدافها فكم عرض للأول أوقات و للآخر قصعات فأبيا، و ضحيا في سبيل نيل ما أرادا.
أعلم أنك ستقول كلام مسجوع مسموع! لكني أعطيك الحل الأمثل، تبعد عليك الغاية وتتعاظم عندك المشقة لأن ما يميزك هو أنك ترى نهاية إربك و نعم ما طغى خيالك ولا بغى. بعيد منالك فعليك بالبدأ بخطوة، و الشبع لا يتم دفعة واحده إنما بلقيمات. فجزء هدفك، و قطّع مسافتك إلى مراحل و أشواط و اجعل من الصبر مطيتك تهن عليك الشقة و تقصر معها المسافة.
و لله در من قال :
دببت للمجد والساعون قد بلغوا*** جهد النفوس والقوا دونه الازرا
وكابدوا المجد حتى مل أكثرهم*** وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله*** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَبرا
فاستثارته الموعظة، و فعلت فعل السياط في الجسد يلتهب حرارة فالتفت لأمره و صبر و ثابر إلا أن قانون الإنتروبيا* القاضي بأن الأشياء تفضي إلى الفوضوية في طبيعتها ما لم تكن هناك طاقة تفرض النظام و تبذل الجهد لبقائه قد انطبق عليه. فسرعان ما التأم جرحه و نسي ما قيل له, فنسيه التاريخ في جملة المجهولين.
===
*كان آينشتاين يطلق إسم “أبو القوانين” على قانون الإنتروبيا لأنه من الحقائق المطلقة و تم الإستعانة و الإستدلال به من قبل من ينكر نظرية النشوء و التطور ” النظام عرضة للتحلل لا إلا التطور” فإن أنت وضعت إطارات و صفائح حديد ثم رجعت إليها بعد مئة عام تجد أن الحديد صدأ و المطاط تليف و لن تجد مرسيدس اللهم إلا إذا كنت محشش!
عمّار توّك
2007/12/24 - 02:41 ص
خاطرة جميلة اخي الكريم وأبدعت بها ..
Raed
2007/12/24 - 05:25 م
ليست بالخاطرة يا عمار.. كم أود لو كان خيالي يتمتع بهذه الخصوبة و السعة لكن لا يعدو الأمر عن كونه مجرد تدوين لأمور عرضت لي.
دمت زائراً.
Arabian Princess
2007/12/24 - 05:43 م
هي مشكلة تواجهنا أبناء الخليج .. تعودنا أن نحصل على كل شيء فصرنا لا نقوى على الصبر حتى لنحقق موهبة وهبنا الله !
ابو مروان
2007/12/24 - 08:11 م
مبدع اخي دوما
خاطرة موفقة
مشكووووووووووووووور
بحرينية
2007/12/24 - 08:25 م
اتت مفردة الصديق من الصدق و ما عجبي الا من
من يكذب على اصدقائه بنية المجاملة و هو
في هذه الحالة ” نفيقا ” بدلا من يكون يكون ” صديقا ”
جميلة تلك المصارحة التي استفدنا و استمتعنا بقراءتها
شكرا رائد
❤whαtever❤
2007/12/25 - 03:19 ص
اي عدو هذا الذي سيدلك على عيوبك لتقومها يارئد؟؟
افلا تدلني عليه ..
noonamajnoona
2007/12/28 - 06:59 م
كانك تكلمني ما تكلم صاحبك ….
ان شاء الله اتعظ ولا اكون منسيه في جمله المجهولين….:$
دمت مبدعا لنا ….
Raed
2008/01/01 - 12:29 ص
AP
و الله… يمكن، و إن كان فيا ويل أمها من طامة إن كانت هذه صفة عامة لشعوب المنطقة.
أبو مروان
شكرا
بحرينية
دائماً ثرية في تعليقاتك ما شاء الله عليك
whatever
أنتي تزوجي و عطيه سنة و نصف .. و صدقيني نفس الطبق اللي كنت تسوينه و ياكل صوابعه وراه سيكون كفيلاً لأن يدلك على مو بس عيوبك بل عيوب فريجكم ..
P:
noonamajnoona
و دمتي زائرة لنا..