مقدمة: هذا المقال من الطويل، يعني يبيلك دلة شاي و علبة سجاير (أعوذ بالله! شوف الفاجر اللي يحث على المعصية! لا و الله ما كنت مدخناً في يوم من الأيام.. ) لكن إن لم تكن ذا صبر فلا عليك ليس المقال بالشيء الذي يذكر.
=====================
نداء الصحراء
أحسبتم أني صماء؟ عمياء؟ فلا أسمع صخبكم و لا أرى تخبطكم؟ ويحكم أقبلوا على أمكم فاسمعوا، نعم أمكم التي ما ضنت عليكم بقليل و ما بخلت عليكم بيسير.
أحببتكم و حبيتكم.. أ ُمدكم بالرطب و قد قطّع الحر أوصاري فما اكتفيتم حتى ثقبتم جسدي و طرتم فرحاً بدمي تبيعونه للعالم شرقه و غربه ليل نهار، تزايدون فيه و تداهنون و ليتكم تعادون ثم أنتم تحارون في أمر المال من بعده لا تدرون فيم تنفقونه؟ فصرتم تتخبطون تخبط السمكة تنزع من الماء و قد نزعتم من أصولكم و اجتثثتم من أرضكم.
افتتنتم بأبناء الغابات، و ا أسفي.. سلوهم أكانت الغابات أرحم بهم مني بكم؟ و لعمري إنهم لأبر منكم و قد ثقل برها عليهم فما اشتكوا قط! يخافون عليها من الهواء و تلوثه، و الجو و حرارته، أما أنتم فتتنكرون لأمكم الصحراء بل تحاربونها بإسم التطور و التعمير.
همجية و تدمير، تطور همجي لا يعرف حداً و لا رداً، تغمدون هذه السيوف في جسدي ثم تسمونها ناطحات السحاب جهلاً و غروراً و لو كان شيء نطحتموه لكانت رؤوسكم التي تقذفونها إلى الخلف لتنظروا لعلو هذه البنايات الشاهقة ثم أنتم بما بنيتم فرحون! غريب أمركم! أضاق فضاءي ذرعاً بكم فجعلتم تبنون أمثال تلكم البنايات؟ و تزرعون تلكم الغابات الأسمنتية؟ لأي شيء تشوهون سكينتي و تغيرون معالمي؟ تسكبون الشوراع يمنة ً و يسرةً ، تغورون أنفاقاً و ترقون جسوراً و لا أظنكم تدرون أية جهة تريدون!
***
ليست هذه عاداتكم التي نشأتم عليها، أين التريث منكم ؟ و التأمل من تصرفاتكم؟ أين التدبر و التفكر فيما أمضيتم؟ أهكذا صقلتكم الرمال، أهذا ما تعلمتم من البداوة؟ و لا يتذرع بعضكم فيقول عصر السرعة, ألا فليعلم صاحب هذا القول أن عقارب الساعة كعقارب الصحراء تدب دباً خطوةً بخطوة و لو كان شيء يوصم بالتسرع لكان أنتم لا الزمان الذي تنسبون السرعة إليه.
ثم مهلكم، أما اخترتم و فضلتم على من سواكم يا أبناء الصحراء؟ أما كان نبراس النبوة و ختام الوحي من حظكم؟ لا من حظ أبناء الجزر أو الغابات أو الثلوج؟ فما بالكم تتوقون شوقاً لتكونوا أي شيء سوى أنفسكم؟ ويحكم قد اخترتم و فضلتم على باقي الأمم ففيم الحيرة؟ و يلكم أيعطى أحد اللواء فيرفض؟ أ يقدم امرؤ فيأبى إلا أن يتأخر؟ قد كان من أبنائي قبلكم من حمل نفحي و روحي للعالم بأسره فدك به عروش الغابات و عبر به المحيطات و بلغ به أصقاع القارات فأينكم منهم؟ قد قامت لهم الدنيا لأنهم بروا بأمهم فبارك الله لهم، و ستقومون أبداً لغيركم لأنكم تنكرتم لي،نعم… ألا ليتني مت قبل أن أرى أبناءً لي لا يمتّون لي بالصلة سوى الإسم و ارتباط المكان و كنت نسياً منسياً.
***
على أن الدهر قد أبرم مع الحكمة صفقةً و أقام عهداً أن يحنك من تطاول به العهد فيأدبه و يحنكه ما استعد عقله و ما تهيأ استقباله و لقد رأيتني عشت آلاف السنين قبل نشأتكم و أعيش بعدكم لا أقولها فرحاً (علم الله أن الخلود مر خصة إن مر عهد كنت أطرب فيه لوقع أقدام أشرف الخلق على ظهري صلى الله عليه و سلم – و صحبه الكرام.) بل رضاً بقدر الله. فقد رأيت من أبنائي من صرفهم العمران و التطوير عما خلقوا حتى امتدح الله بنيانهم فهل بنوا؟ أم شفع لهم عمرانهم؟ ليتكم رأيتم الحسرة على وجوههم، على أني استغرب إذ صور لكم القرآن تصويراً تحسون معه أنكم عاصرتم الأمر لكني أعقل من أظن أنكم تتعلمون من أخطاء غيركم، و لعمري هل فعل التاريخ شيئاً سوى أن يعيد نفسه بملل مرة تلو مرة؟ كم هاجت رياحي منذرة كم حاولت ثم تعلمت أن انظر دون أن اقحم نفسي في أموركم.
***
سيجف دمي.. حالي حال كل ميت, و حينها سيكون أبناء الغابات أول من يتنكر لكم و يعرض عنكم. فتصبح مدن زينتموها لهم خاوية منهم خالية من آثارهم لتبقوا وحدكم فيها, فأي شيء تنتفعون بعدها؟ فإن كان هذا حالكم فأضعف الحيل أن تشيدوا من البنيان ما يلائمكم و أن تبنوا من الحضارات ما يوافق ماضيكم ولا يشذ عن حاضركم و يمهد لمستقبل يتلائم مع ذا كله و يحمده عليه ابنائكم.
***
علكم تقولون أن الزمان تطاول بي فأصبحت عجوزاً خرفة، تريد من أبنائها أن يهجروا المدن إلى البوادي، و البيوت للخيام، معاذ الله.. كل ما أتمناه أن ما هبت رياحها فأحسستم برمال كأناملها لكم معنفة أو شمسها من فوقكم ساطعة .. أن تذكروها و تفخروا بأنكم فلذات كبدها.
بحرينية
2007/10/25 - 12:36 م
اشفيها الصحرا اتشره موب من عوايدها ؟؟
مكتوم
2007/10/25 - 03:11 م
مقال جميل ..
اصبر أيام يجي الشتا وتشوف الزحمة في الصحراء “البر”
Raed
2007/10/27 - 03:05 ص
أحقاً هذا كل ما يقال في ما انكببت عليه أياماً في محاولة يائسة لمحاكة “مجمع الأحياء ” للعقاد ؟.. أسفي. لأن المقال لم يثر في النفوس ما أثار العقاد في نفسي و لا عجب فقد يأخذ الزهو بالكاتب الغرو مثلي فيظن أنه يستطيع أن يأسر النفوس بالحروف.
و شكراً ..!
noonamajnoona
2007/10/29 - 06:16 ص
حزنت عليها
,,,,
حسيت انها تكلمنا من جد ….حستها واقفه قدامي :$ …كلامها يستحق ان نفكر من جديد بطريقه حياتنا ..النص بدويه والنص اجنبيه..من جد حزنت عليها
….
ماشاء الله عليك …مبدع دائما ….عجبني المقال جدا …وفهمته تقريبا كله (على غير العاده) …
layal
2007/10/29 - 02:44 م
الصحراء بما تحمل من هدوء وسكينه وتأمل وبما تعلمنا من صبر
قاست من ابنائها , اشتكت فهل هم مجيبون ؟؟
غرهم الدرهم والدينار
وينسبون انفسهم الي البدوه
الي عوالم رحلت
وحلت محلها دمامل (اعذرني علي التعبير اقصد بها ناطحات السحاب) والمنتجعات
اما القلب الذي نزف منها فهل نحن قادرين علي ردم ألمه ؟؟
واعادة الروح له ؟؟
اوبك قد تكون قادره علي الاجابه
اعجبني ندائها الاخير
Raed
2007/11/03 - 01:52 م
يا ست نونا إنما ألوم نفسي إن جهل زوار مدونتي ما أكتب، فلا عليك و لست بالمبدع أو بالقريب من ذاك.
و لو كنت إذا لتخذت من الكتابة صنعة و حرفة. لكنها لا تعدو عن كونها هواية.
=====
ليال,
أتصور أننا نؤدي أدواراً و نعبر أطواراً لتكون الصحراء شيئاً سوى ما خلقت له، و لا أظننا أكثر من رمالها و لا أصبر من كثبانها ..
غريب في أرضه
2007/11/05 - 08:41 ص
لطالما كانت الصحراء بيوتاً للبدو ولكن الآن الكل تنصل منها وتبرئ..
واااعجبي إذا الناس اشتكت الان من كثرة الامراض والمصائب والحل موجود بالرجوع إلى منبع العرب كلها
“الصحراء”
أنا لا أقول أتركوا بيوتكم وانتقلوا إليها لكن اجعلوها مرجعا تتجدد بها معرفتكم لأصولكم..
Raed
2007/11/06 - 05:17 م