أحلامي و سلطان

أعدد أحلامي بين الفينة والأخرى، أحياناً أحسها قريبة حتى أكاد ألمسها و أحياناً أضحك لشدة سذاجتها لكني أعددها و أرتبها ..نعم لأني أريد تحقيقها :

زوجة حسناء، وبيت فسيح  وسيارة فارهة و أن اقرأ كذا كتاب وأغدو لبني قومي ما كان دويستويفسكي لقومه و أن يكون أبنائي كذا وكذا، كل هذا يحصل بعشوائية وفوضى مرتبة لا أدري كيف سيتم هذا لكنه توفيق من رب العالمين. وجدت نفسي واقفاً أمام المبنى، نفسه إياه لم يتغير ولا أظنه يفعل كمن يقطنه.

 

هل سأحصل على وسام استحقاق رئاسي؟ لم لا؟ هل سيهنأني رئيس عربي من خلال مكالمة لإصدار كتاب ويخبرني أنه تأثر كثيراً وهو يقلب صفحاته؟  ثم انتبه فجأة  : يمين أم يسار؟

عفواً أيتها الممرضة  غرفة 311؟

امض للأمام  من خلال الرواق ثم انعطف يميناً عند أول باب.

شكراً.

هل حركت شفتاها بكلمة العفو؟ .. لا ضير.

هناك سجيّ سلطان على السرير قبل أربعة أعوام، فلم يتحرك منه شيء سوى عيناه و لم يتغير منه شيء سوى سواد شعرٍ يغادره يوماً بعد يوم. تطرف العين ناظرةً إلى نفس السقف، نفس البياض نفس المصباح. كأنما مسخ تمثالاً فلا كلام ولا حراك.  

السلام عليكم سلطان، اجلس بجانبه.

كيف حالك؟ إن شاء الله أحسن..

خالد تزوج، حمد أيضاً يوشك أن يكون أباً وقد غيرت عملي، لك وحشه.

اسكت.. يصبح الأمر غريباً بعض الشيء لأني المتحدث الوحيد في الغرفة.  

سرعان ما تخونني الكلمات، وتخنقني العبرات أهذا سلطان المحب للحياة ؟ أهذه الجثة الهامدة  بقية سلطان الذي كان يضج بالحياة فضحك و مقالب و مغامرات؟  رحماك يا جبار السموات والأرض كأن بدنه صار سجناً مؤبداً، مضى كل منا بحياته وهو باق على حاله.

يا رحمن الدنيا ، قد أصابه الحادث على دراجته و ابنته لم تبلغ الستة أشهر. ومضت زوجته إلى بيت أهلها وصبرت عاماً بعد عام ثم اتخذت من بعده بعلاً، وهل تلام  وهي ما زالت شابة في مقتبل العمر؟

إن شاء الله تقوم لنا بالسلامة يا سلطان

اغمض عيناه بشدة. كأنما يؤمّن على الدعاء يسمعه.  

الله يردك لنا ويرفع البلا يا سلطان … وما أن سمع ذا حتى انسكبت دموعه حارة على خديه وهو يغمض مرة أخرى ناظراً إلى السقف. كفكفت دموعه ودموعي معاً، قبلت جبينه ثم استودعه لأرجع للدنيا بصخبها و أهلها  وليبقى هو كما هو طريح الفراش، يحدق في نفس السقف في نفس البياض لأعوام أخرى.  

هرعت خارجاً كأن المبنى يضيق بي ليجعلني من أهله، كأن الجدران تنطبق علي أردت استنشاق الهواء رطباً كان أو حاراً .. أردت رؤية الكواكب و النجوم مرةً أخرى.

وقفت بالخارج همست ناظراً  للسماء و قد تبعثرت أحلامي جميعاً، وتغيرت أوليّاتي سريعاً :

يا رب، الستر والعافية و حسن الخاتمة.     

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Arabian Princess

    2007/08/07 - 11:29 ص

    قريبة جداً أنا من سلطان .. ومن مايشعر به .. قريبة من لحظة يمكن فيها للحياة أن تتبدل .. ولأحلام تموت !
    .. وهاهو سلطان يولد من جديد .. سلطان أخر قد يكون غير السلطان الذي عرفتموه، تقبلوه كما هو وساعدوه على التمسك بالحياة ..عفاه الله .. وجلده بالصبر .. وليكن لسان حاله يقول: ونعم بالله .. قدر الله وما شاء فعل

  2. غير معروف

    2007/08/07 - 03:50 م

    يا رب، الستر والعافية و حسن الخاتمة……..

    أحزنتني … :(

  3. noonamajnoona

    2007/08/07 - 03:55 م

    معليش انا كتبت التعليق فوق ونسيت اكتب اسمي مع التتنيح بالموضوع …

  4. noonamajnoona

    2007/08/07 - 03:58 م

    D: توي استوعب انو انا اخترت احلامي وسلطان ….
    ليتني طلبت الجنه …..

  5. female

    2007/08/07 - 04:36 م

    مساء الخير ..
    أحلامي وسلطان محتاجينك ..
    لازم تجينا هنا ..
    شوف بلوقي وشارك معانا بحملة ” شلت ايديهم”
    الموضوع مهم ..

    الله يعطيك العافية

  6. HmmmHmmm

    2007/08/07 - 10:12 م

    ):

  7. Loyalty

    2007/08/08 - 06:11 ص

    كانت هذه زيارة خاطفة لي ، بين أحلامك و أحلام سلطان ..
    و أظنها تستحق التكرار ..

    شكراً لك ..

  8. بحرينية

    2007/08/08 - 06:56 ص

    اي و الله
    يالله حسن الخاتمة
    الواحد لازم يحمد ربه على النعم الكثيرة اللي عنده لكنه مو حاس فيها
    مثل الصحة , توافر ثلاث وجبات يوميا تكفي لسد الرمق و اكثر , العيش في منطقة آمنه الخ الخ
    وجد سلطان و غيره ممن هم من نفس حالته
    لكي تكون لكل منا وقفة مع نفسه لمحاسبتها و اعادة ترتيب قائمة الاولويات من جديد
    شكرا لك يا رائد على البوست

  9. Raed

    2007/08/08 - 09:47 م

    شافاه الله و عافاه يا AP مثل هذا النوع من الإبتلاء يمتحن به لا المريض نفسه إنما أهله و خاصته، إذ يتطلب الأمر الصبر منه ، والشكر منهم على الحال معاً.

    غير معروف

    لا أحزنك الله في حبيب، و قد رأيت أني غاليت في الهموم فرأيت أن أنوع قليلاً ببعض التدوين الخفيف على القلب!

    nonamajnona

    رزقك الله أعلى مراتبها.

    female

    أنا أيضاً محتاجك تقرأين المقال مرةً أخرى

    hmmmmm

    ليه بس يا عم ؟

    Loyalty

    إن شاء الله تدمن المجيء المرة تلو الأخرى.

    بحرينية

    إيه مو على راسي :)

  10. layal

    2007/08/10 - 02:42 ص

    اكثر ما يؤلم بسلطان هو قدرته علي استيعاب ما حوله
    حادثه ممثله حدثت لاحدي معرفنا , بنت في مثل سني
    لازالت طريحه الفراش
    مثل هذه المواقف تأثر فينا
    لكن نطلع للدنيا وزحمتها
    بني ادم طماع ونساي

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات