مع الناس : مع الصالح بمسجد.

سلسة حوارات أدونها ولست أؤلفها.. إنما جرت بسجية و عفوية، و عُرضت لي  فرأيت أن أشرككم بها.   

تأخرت عن صلاة الظهر فحبط عملي الذي أشغلني عن الصلاة . ثم رأيته مقبلاً، موظف معي بالمؤسسة ذو جثة عظيمة ولحية طويلة وجهه أبداً مبتسمٌ ومشرق، تجمعني و إياه صحبة عمل مليئة بالمقالب ولا تخلو من المشاكسات.

 بادرته قائلاً : تأخرت عن الصلاة؟ يا مسكين! استغــفرك ربي من سوء عمل هذا الضخم، تعال ولا تيئس من رحمة الله أيها المفرط في حق نفسك فقد سخرني الله لك ولسوف اتصدق عليك بالصلاة جماعة.

عقدت الدهشة لسانه ثم قال : ما أكثر كلامك قم بنا نتوضأ فقد تأخرت أنت أيضاً، لو تصدق اليهود لم تفعل أنت!

شخصت ببصري إلى السماء: زور يا ربي .. ما أجرأك على الذنوب يا عبدالله.

أخذ بتلابيبي و أنا أقول (سيب يا عم) .. ها، قصرت حجتك فطالت يدك ؟

توضأنا و صلينا.. وبعد الإنتهاء من الصلاة نظر عابثاً بلحيته يهذبها و جلست القرفصاء مقابلاً له, فأمعن النظر متصفحاً وجهي ثم قال : ما بالك لا تطيل لحيتك وقد علمت أن إطالتها واجب؟

مات صديق لي مذ أسبوع.

رحمه الله، و عظم الله أجرك. لكن ما شأن هذا بموضوعنا ؟

كل الشأن، كم أخ لك؟

أربعة، لا زلت أجهل ما تصبو إليه ..

ألا ترى أنك تأمرني أن أغير من وجهي سمعاً وطاعة لتأويلك للسنة؟

ليس بتأويلي.

نسبته لك لأنك لا ترى سواه مع وجود غيره! يا أخي، إنما أردت أن أبين لك ما غفلت عنه. أما بعث الرسول صلى الله عليه و سلم بعد أن عُرف بين قومه و عُلم نسبه؟ أما رعى لهم وتاجر ؟ بل أنهم تعرفوا بما تطبع به بحكم تعاملهم معه فسموه الصادق الأمين! ثم بعث لهم ومن بينهم بعد سنين. أما أنا وأنت فبالكاد نعلم بعضنا بعضاً فكيف لي بأن آخذ نصحك على محمل الجد. أعذرني إن بدوت جلفاً فظاً.

أبداً عزيزي.. لكن النصح مأمور به. والأمر بمعروف و النهي عن المنكر، و كما بين عليه الصلاة والسلام أن يهدي بك الله رجلاً خير لك من حمر النعم.

عبد الله.. هل أنا سوى عتبة تريد الرقي بها لدرجة أعلى في الجنة؟ أليس قائل ما تستشهد به من بكى حرصاً على نجاة أبناء من رجموه بالطائف؟ هل أنا سلعة تقايض سيد الثواب و العقاب بها؟ أنا مثلك اريد الفوز بالجنة و النجاة من النار فاحرص على نجاتي كما تحرص على نجاة نفسك و أرد لي الخير كما تريد لنفسك .. لكن الأمر عندك إما أن اسمع واطيع فترقى وأبقى، أو تظن أنك تقيم الحجة علي فتزجني بها على قفاي بالنار!

فلنفرض أن الأمر كما قلت..فأي شيء يغير نصحي لك ما كان باعثي أو دافعي؟

أتكئت على عاتقه و أنا أهم بالنهوض.. فقلت : كل التغيير… ألا ترى أنه لا ينفذ إلى هاهنا؟ و أشرت إلى قلبي ..هيا فقد تأخرنا على الإجتماع.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. ماشي صح

    2007/07/30 - 03:26 م

    كلامك عسل ياعسل
    الرسول كان عنده ثقافة الشفقة
    يدعو بلطف وحنية وأكثر من ذلك بشفقة
    وهذه للأسف تغيب عند بعض الدعاة
    الله يهدينا جميعاً للطريق المستقيم

  2. Catism

    2007/07/31 - 01:05 م

    الداعية شفوق، فأين نجد أولئك.

    و”سبحان من زين الرجال باللحى” 😉

  3. Raed

    2007/08/02 - 07:18 م

    ماشي…

    صدقت عليه الصلاة والسلام.

    catism

    لا أدري! سبحانه

  4. سليمان بن ابراهيم

    2009/01/24 - 11:04 ص

    رائع رائع يا مبدع ،،

    تمت الإضافة للمدونة ..

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات