هواة و محترفون

أرسلت لي باللوحة تلو الأخرى “انظر لهذه، و انظر لتلك” بعدت المسافة بين فكيّ في كل مرة كنت اشاهد بعيني إبداع هذا الرجل وما رسم. حتى خربشته ! اهتزت قريحتي الشعرية فقلت بصوت جلي شخبط… شخبط (يخرب بيتك) شخابيط

لخبط لخابيط…

مسك الألوان… ورسم عالحيط ! faceh5522.jpg

كأن المداد أقسم إلا أن يصنع الروائع بيده، حتى الخطوط في عبث ينثرها لتجتمع منتظمة رغم حتفه لتدهش من تأملها.

wo.JPG

“مستحيل أصير نفسه” قالتها متنهدة بحسرة وغبطة.

سكت(1) رجعت إلى نفسي و تفكرت في شأني و هواية الكتابة، أين أنا منهم؟ دع عنك المتقدمين كعبدالحميد(2) و الجاحظ, أعني المتأخرين منهم كالمنفلوطي بعمقه، و الرافعي بفلسفته و الطنطاوي بعذوبته وحلاوته وطه حسين بفكره ،و الزيات بأدبه أو العقاد بفكره وما أدراك ما فكر العقاد؟

شكيت أمري إلى من اتخذ الأدب صنعةً فقلت: يا أخي أقرأ نفس الكلمة ولست أجهلها، يستخدمها كل من العقاد و الطنطاوي فيضعها هذا موضعاً بين أخواتها حتى لا تحس بأنها خلقت إلا لتوضع في المكان الذي اختاره سلفاً فترى ذاك يعثر على زاوية تبرز روعة الكلمة فتحتار في تغليب هذا أو ذاك

فابتسم قائلاً : نعم، صدقت وحسناً قلت. من ذكرت احترفوا الكتابة واتخذوها سبباً للتكسب. سكب الكلمات صنعتهم، و رص الجمل حرفتهم.

صمت برهةً ثم استكمل: يصبح الأمر سهلاً حين تقيسهم بصائغي الذهب و المجوهرات. حرفيون محترفون…ليسوا إلا زد على ذاك أنهم موهوبون فهم يغرفون من بحر و غيرهم ينحت في صخر.

فلا أدري، أهوّن علي تعليله أم زادني غماً بغم.

لكن يبقى عزائنا معاشر الهواة أن الزمان قد يلتفت لنا يوماً فنكتب سطراً، أو نرسم خطاً تخطأ نسبته إليهم. هذا ما نصبوا إليه.. أن نحس يوماً بمجدٍ استأثروه دوننا الدهر بأسره.

============================

(1)دعوني أوضح أمراً لست من الذين يخبؤون في جعبتهم بعض العبارات المعدة سلفاً كالتشجيعية منها والفياضة أملاً.

(2)عبد الحميد الكاتب، صاحب الرسائل، هو عبد الحميد بن يحيى بن سعد، كان عامرياً بالولاء، ونسبته إلى الولاء العامري .اختاره مروان بن محمد – آخر خليفة أموي –ليكون كاتباً للدولة ثم فرّ عن أمام سلطة العباسيين الجدد التي قامت في بغداد, يقرأ المتابع لمحنة عبد الحميد الكاتب, أنه حين فرّ مع مروان بن محمد, قال له الأخير: “انج بنفسك يا عبد الحميد, فإنهم إن قتلوني خسرني أهلي وحدهم وإن قتلوك خسرك العرب جميعاً”.كان عبد الحميد الكاتب يمثل آخر رموز الدول الآفلة, وكان لابد من القضاء عليه, فبُحث عنه مطولاً حتى ظفر به أعوان بني العباس وشرطتهم في منزل صديق له أمين عليه اسمه عبد الله بن المقفع, فمازالت به روح حتى قتله العباسيون أفجع وأبشع قِتلة, جزاء حفاظه على رأيه بالخليفة الأموي الصديق مروان.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Arabian Princess

    2007/07/24 - 12:29 م

    لا تعزف على الوتر الحساس يا رائد!!! كلما إنتهيت من كتابة قصة .. أحاسب نفسي مليون مرة ,اتردد كثيراً في نشرها بالمدونة .. أخجل منها .. واتسأل : هل تستاهل؟؟ و ما هي الفائدة من كتابتها إن كانت ستأخذ حيزاً لا قيمة له .. ولكني أرفع من معنوياتي لأقول .. قد تدفعني لكتابة غيرها ويوماً ما .. من يدري .. قد أحترف الكتابة!!!

  2. Arabian Princess

    2007/07/24 - 09:36 م

    Ya bakhtak ya sy Raed!! :)

  3. Raed

    2007/07/26 - 06:53 م

    شارم,

    شكراً لهذا الإطراء و هذا الإنتقاء و تقول العرب بما معناه أن أنتقاء المرء مرآة عقله..

    كم بودي أن أقول : صاحي أنت ؟ p:

    لا عزيزي شكراً أخجلتني لكني اعتذر عن المشاركة لأني مشتت الفكر حالياً وما بقي يسعني بالكاد للعمل بهذه المدونة, أرجو أن تظل متابعاً

    AP

    الرزاق بالسما والحساد بالأرض… راجعي موضوع الحسد.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات