وداعـــاً, دويستوفسكي

اليوم, وفي هذه الليلة أنهيت آخر أعمالك. عرفتك بصدفة محضة لا زلت أذكر كم ضحكت حين قرأت عنوان روايتك (الأبله) Идиот حتى أعلمني شيخ من قدماء القراء بقدرك فجعل يهزئ بي متهكماً : يزعم هذا الشاب أنه مطلع بالأدب ملم به ويجهل عملاقاً هو ركن من أركانه.

ذهبت إلى مصر وهناك استحسنت ترجمة الأستاذ الدروبي وترددت فثمانية عشر مجلداً تحوي جميع أعمالك وشحنها بات لي أمراً محيراً .. ولشدة ما أشكر عزمي حينها إذ اشتريت المجموعة وعكفت على قراءة “الأبله” أول رواية في آذار-مارس- الماضي فكم بكيت الأمير مشكين، كما بكيت غيره من الشخصيات في جميع رواياتك لقد سكبت دمعي، وأنرت فكري ،ضحكت و عجبت آناً واحداً.. أكاد أجزم أنك إمام الرواية وقطب الدراية في هذا المجال دونما منازع. أما يكفيك فخراً أن يعدك قومك ثروة كثروة النفط؟ حتى جلادك القيصر الذي أمر بإعدامك, ثم عدل عن رأيه فأمر بنفيك إلى سيبيريا لتألف “ذكريات من منزل الأموات” فيبكي عند قراءة الكتاب أسرته بمؤلفاتك و تولستوي جهش بكاءً حين ترامى إليه نبأ وفاتك. نعم كنت ابن روسيا البار.

لكم أسفت أنك ما اهتديت إلى الإسلام، خصةً وأنك ناديت بالإيمان وكنت واسع الإطلاع في عصرك فتارة تصف محمداً عليه الصلاة والسلام بأدب جم, وتارةً تصف أحد الأبطال فتشبهه بهارون الرشيد في إحدى غزواته. سيدي، أحسبني لا أعود إلى صفحاتك فالمعذرة العلم كثير والعمر قصير على أني شديد الأسف لفراق أدبك، فقد شققت على من بعدك أستاذي. لكن، لا لن أنسى ما حييت أنك عرفتني بنفسي في وقت أنا شديد الحاجة لمعرفة من أنا..

وداعاً يا من عكفت الليالي الطوال و إياه،

تلميذك و المفتون بأدبك

رائد
8-9-2006

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. mashi_97

    2006/09/15 - 01:54 م

    دويستوفسكي أكثر من رائـع
    الروايات المعدودة اللي قرأتهـا له أجد نفسي منشداً لقراءة المزيـد
    أغبطك على قراءة اعماله الكاملة فهي بالتأكيد كما ذكرت

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات