إلى العاملين بهيئة الأشغال العامة

تحية طيبة, وبعد..

فإنه من لا يشكر الناس لا يشكر الله. ولست بالذي يجحد الفضل وينكر الخير أهله. فشكراً لكم جهودكم التي أرجو من القراء التدبر في الحكمة من ورائها. فقد كثر التذمر عن البطء المقارب للوقوف في أعمال الطرق, لكن ينبغي لنا دوماً انطلاقا ضمن سياسة : (كل واشكر وخذ على قفاك يا مؤمن) النظر إخواني إلى الجانب المشرق والنصف المليء بالماء. لقد أصبح الشعب زاهداً لدنياه مقبلاً على آخرته فقد قرقعت أحدث السيارات تحت الأمواج الأسمنتية وفقدت رونقها وجمالها من جبال التراب والحصى على جوانب كل الطرق فما عاد القوم يغترون بها, فأنعم بها من موعظة بليغة تذكرنا بالمقابر واليوم الآخر.ثم , أيجحد أي من الناس فضل الهيئة في إثراء ثقافة الشعب ؟ كيف لا و قد أقبل الناس على الكتب يتسلون بها أثناء الوقوف على الإشارات. اعرف رجلاً انتهى من قراءة أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي في ثلاث إشارات و من لم يصدق فليغامر ويرمي بنفسه في لجة الزحام.

أيضاً نذكر زيادة الترابط الأخوي بين أفراد الشعب. حدث ذات يوم وأن تلقيت مكالمة من أحد الزملاء بالصف التاني الإبتدائي يسترجع معي شريط الذكريات , كم أثلجت صدري تلكم المكالمة أعزائي المسؤولين فقد أحسست أن البعض يشتاق لي, ولا أدري لم انقطع إرساله و هو يهتف “خضره ,باي”! بربكم أكان يفعل هذا إن كانت شوارعنا (اربعة رايح جاي)؟ ولست أنسى ثمرة إجتماعية هي التقارب العائلي بين أفراد السيارة – عذراً العائلة- فيسمع الزوج شكوى زوجته وليت شعري أين المفر؟ ومنه توفير أموال الأسر حديثة العهد, فليس يخاف المرء أن تذهب زوجته إلى كذا سوق أو مجمع تجاري في نفس اليوم لتسرف وتبذر هنا و هناك. كما تشكل الإلتواءات والأشكال الهندسية المبنية بالخرسانات الإسمنتية متعة حقيقية لمحبي سباق الفورملا وهي توحي بحس رياضي مرهف خصوصاً وأن الأمر يتطلب ذاكرةً قوية ليسترجع المرء أي الشوارع أغلق وأيها فتح قبل بضع ساعات.

وهذا ما يحضرني و إن كانت الأسباب أكثر كلما تواجدت محاطاً بالمئات من إخواني وأخواتي في شوارع الدوحة, ليس إلا ليتعظ أحدنا أو يتثقف أو يصل رحمه أو يوفر أو يمارس الرياضة. فجزيل الشكر حقيقية وليبارك الله سعيكم المدروس بعناية.

أخوكم,

سائق قطري.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات