تنويه: ليس في هذه التدوينة شيء من خيال.
===
رسالة إلى مواطن أمريكي،
بدايةً شكرا لاستقبالك هذا القابع أمامك، نعم أتحدث عمن يبيعك شرائح البيتزا على قارعة الطريق في مدينتكم المزدحمة المكتظة بالمشغولين والسائرين دوماً بحثاً عن الثروة. أشكرك لأن حكومتكم قبلت به ومن على شاكلته من اللاجئين حين رفضتهم دول عربية.
واسألك ألا تستعجله، فهذه المهنة تتطلب تقليب العجين، وقد كان لزمان مضى يقلّب في صفحات الكتب فقط. وهذه المهنة التي يعمل بها، تتطلب السرعة وقد كان قطباً وعلماً في مهنته في موطنه، لكنها وا أسفي مهنة تتطلب التريث والتأمل، والتفحص والتدبر. كما أطلب منك أن تتحمل لكنته، وثقل لسانه إذ يحاكي ألسنتكم ويسعى جاهداً لفهمكم. هل تصدق أيها المواطن الأمريكي، أنه فصيح بلسانه؟ بل أن مهنته السابقة تقوم على الفصاحة والبيان وطلاقة اللسان.
وقد كان الناس ينادونه تأدباً في السوق والطرقات “أستاذ” ويتكلم عنه زملائه بنوع من الفخر لمعرفته، ويقبل عليه شباب وشابات يرهبون جانبه ويأنسون لحديثه، جائعون لعلمه. ومهنته اليوم تتطلب أن يقبل هو على الناس فيدعوهم لبضاعته ويعمل بيديه أكثر مما تطلب ذاك الزمان ولا يقصده إلا الجائعة بطونهم، سواء موظفو النهار وقد تعلقوا بأجهزتهم، أو سكارى الليل وهم أثمل من أن يدرك طلباتهم.
وقد تختلط عليه الطلبات أو يضطرب فلا يحسن وزن شريحة، أو لا يميز شريحة بيتزا نيويورك، من شرائح شيكاغو، في حين أنه كان يحفظ دواوين الشعر، كديوان المتنبي، وأبو تمام دون أن يخل بوزنها، والأخبار دون أن يسقط منها اسماً! ولهالك كم يحفظ هذا الماثل أمامك. أنه معلم، هذا المشطور[1] المجزوء[2]، هذا المنهوك[3] المصمت[4]، هذا المخلع [5]المصرع[6] لا أعني معلم بيتزا، أو صاحب صنعة بل أستاذ في مدرسة. أنه أستاذ للأدب واسمه جبرائيل، وقد كان آية في الشعر والنثر. وحين تراه شارد الذهن، فهو لا يعد ما جمع، بل يتحسر على ما فقد. يعود لصفه في مدارس دمشق، حيث الشمس الدافئة.. يتذكر طلابه، يعلمهم الأمل ويبين لهم الجمال في الأدب والحياة. ترى هل يذكرون ما علمهم؟ أو يذكرونه أصلاً؟ أم أنهم نسوه كما فقد بيته ونسى هو الكثير من الأبيات؟
وإن طفرت الدموع من عينيه فلا تظن أيها الأمريكي أنها من شدة البرد، وحين يهمس بلغته ويزفر بالعربية بلسانه أحلف لك أنه لا يشتمك، فهو العارف المتأدب الفطن ذو الظرف والخلق، لم يزد على أن استرجع بعضاً من بضاعته فقال:
ألا هل موت يباع فاشتريه؟ *** فهذا العيشُ ما لا خَيرَ فيهِ
=====
سارة
2018/05/17 - 10:06 ص
العمل الشريف ليس بعيب يا اخي الكاتب والكثير الكثير من اللاجئين والمهاجرين انخرطوا في اعمال شريفة في البلاد التي لجأوا إليها كي لا يحتاجوا الى “اللجوء” الى التسوول و سؤال الغير و الاعتماد على النفس سمة يشاد بها ولا يعاب عليها. كان الله في عون كل من اضطر إلى تغيير بلده ببلد آخر.