العزاء

عندما يلم أمر جلل بعائلة ما، يتجدد في وسط الأسى ربط عرى الود بين أهل الميت وجماعته، يبدو الأمر كمجموعة من الجزيئات التي يزيدها فقد جزيء منها اقترابا من بعضها البعض . لا يكون الأمر متعمدا، فسرعان ما يتسامر أهل الميت ويمضون وقتا أكثر في معرفة جوانب من حياة بعضهم البعض، وبواعث ما وصلهم من أخبار ما كان لهم أن يستعلموا عنها لولا أنهم يمضون الوقت تحت ظل مناسبة واحدة لعدة أيام كالعزاء.
ويتذكرون أول الأمر أمور الميت ، فذكرياتهم معه، ثم تلحظهم يتذكرون ذكرياتهم مع بعضهم البعض، يبدو الأمر كمحاولة لا للتذكير بل للتوثيق ولنقل هذه الذكريات للجيل الجديد والسامعين، فينبغي على الأبناء أن يعلموا أن فلان من الناس لا تجمعه الصداقة بعمهم فحسب بل شقاوة الصبا ومغامرات الطفولة، ولا يسئم هذا الجيل من السرد وإن سمعها الجيل الآخر مرة تلو المرة لأن التفاصيل لا تهم بقدر المشاعر المرتبطة بالذكرى.
لأن الحياة تعثر على طريقها من بين صفوف الحزن حتى ترى الناس قد نسوا والتفتوا إلى أمر دنياهم في اليوم الثالث، تمضي الحياة، ونمضي معها إلى أمور دنيانا.

ضحكت حقيقة حين سألني أحدهم عن أسباب الموت فسألني عن نوع السيارة، فقلت: الجلد من داخل بني غامق! ثم قلت للرجل: يا هذا كفى بالموت سببا حتى تبحث في السبب وتمني نفسك أن سبب والفاة إنما هو بهذا النوع من السيارات لا ذاك.

****

بلغ بي التعب أن سقطت دون إتمام الثلاثمئة كلمة وهأنذا أواصل الكتابة!

****

يخيل لي بأن ما أردت أن أقوله هو أننا كمجموعة بشرية تتناقص في جانب وتزداد في آخر عددا كما هو جلي في الولادة والوفاة، وما بين ذلك خيوط من الذكريات لا ينبغي أن تقطع ما أن ينقطع صاحب الذكريات عن المجموعة. لأننا مجرد ذكرى طور النسيان، هذا ما نحن عليه حقيقة. على أن أجمل معاني الوفاء رأيتها بين أصدقاء القريب من بني جيله، حيث كان الدمع يهمل لا على الذكريات التي مضت بل على تلك التي لم تكتب بعد، على مستقبل لم يكتب له أن يكون جزء من الماضي.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات