مأساة المعرفة وتطبيقها.

أغلبنا سافر في طفولته برفقة الأهل، وأثناء هذه الأسفار العائلية لم ترى كطفل أبعد من المرحلة التي تخوضها، أعني التوجه للمطار فقط. ثم تلوح لك المرحلة المقبلة من بعد الوصول للمطار وهي أخذ التذاكر، ووزن الحقائب ثم الوقوف أمام شبابيك الجوازات حتى ركوب الطائرة، أنت تجهل أن هناك العديد من الوجهات استقر رأي الكبار على أحدها، و عدة خطوط تم اختيار واحد من بينها، وأن هناك انتظار للشحن، ثم تصديق على الدخول بعد المطابقة، ورحلة من المطار إلى حيث تسكن سواء في فندق أو شقة، أنت تجهل أن هناك تأشيرة ينبغي الإعداد لها مسبقا، لأن الكبار أخذوا على عاتقهم مسؤولية ذلك كله. تعيش مرحلة فمرحلة، ولا تظن أن هناك عقلا بشريا يستوعب رحلة أسبوعين مثلا بكل ما فيها من تفاصيل ينبغي الاعتناء بها. ومع التكرار تستطيع أن تربط مرحليا أو ثلاث على أحسن تقدير، فترى مثلا الخطوات إلى صعود الطائرة. ثم يتقدم بك العمر وترى أكثر وتستوعب أكثر حتى تصل مرحلة من الإدراك تسأل لم لا نستقل القطار، أو الباص، أو سيارة أجرة أو حتى uber! وعندها تسأل الكبار إن كنت تملك الشجاعة أو تصمت وتنتقد اختيارهم وتشكك في قدرتهم على انتقاء الأحسن.
هذا الإدراك عن تجربة واطلاع نمر به في كل مراحل عمرنا، في الجامعة، في العمل، في حياتنا الزوجية، وتربية الأبناء ،
حتى في النهوض بالوطن.
المشكلة التي أراها هو أنك لا تملك الخبرة عند المرور بالتجربة، وحتى عندما تظن أنك ألممت بكل جوانب رحلة السفر مثلا، فإن الخيارات الناتجة عن عمق إدراكك تكون أكثر مع معرفتك التي جمعتها وعليه فخبرتك دائما ناقصة، فأنت تعلم بأن هناك خيارا أفضل فقط عندما تهجره لما بدا لك حينها كخيار أسوء وحكمك الذي تطلقه أثناء مراقبتك وتقييمك للخيار الذي قام به الكبار لا يشتمل على معرفة كاملة.
مثال: ليش رحنا بالباص بدل سيارة الأجرة الأسرع؟
يمكن لأن الاختيار متعلق بجوانب تجهلها ولم يطلعك الكبار
عليها كقلة الميزانية التي تم رصدها للسفر

وهنا تكمن مأساة المعرفة وتطبيقها على أرض الواقع،. فهي ناقصة دائما حتى وإن اكتسبت معرفة أكبر في المرة القادمة سيتضاعف عدد المتغيرات والخيارات وسيبقى الاختيار أو الحل المطروح ناقصا قياسا بخيارات أخرى.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات