أين ذهبت؟

أردت الكتابة عن موضوع رأيت فيه مادة شيقة، وصغت جّله في ذهني حتى إذا أتيت لتدوينه تفكرت في هذا العام .. ٢٠١٦، إذ يمثل لي ولمجموعة قليلة من الشباب، ذكرى لا أستطيع أن أوصمها ولا أن أوصفها بكلمة سوى أنها لحظة بدء سلسلة من التحولات التي طرأت علي. في مثل هذا العام لعشرين سنة مضت، حزمت حقائبي وتوجهت لاستكمال دراستي في الولايات المتحدة الأمريكية.

هرعت للواتس آب، سجلت رسالة صوتية بعثت بها إلى من بقي لي من هذه المجموعة. رسالة صوتية اسألهم بكل صدق، بنفس الهلع الذي كنت أحس به حين أفقد مفاتيح شقتي أثناء الجلوس في شققهم: أين ذهبت هذه الأعوام؟ اتفقت وأحدهم أن نكتب إجابة مطولة على هذا السؤال شريطة أن تحتوي على إجابة شجاعة فيها من المصارحة ما لست تلتمس فيها العذر لنفسك، وفيها من العمق ما تسبر به أغوار ذاتك. لا أود الإجابة بسرد الأحداث واستعراض المواقف، وإحصاء الساعات كيف أنفقت، وفي عدد الرفاق ومن فارقت؟ وعدد الصفحات ما قرأت أو كتبت؟ أو الأسفار والصور والمشاهدات. هذه لا تصلح حتى أن تكون ديباجة الإجابة.

هناك الوقت الذي يمر من خلالك، فتعاين تأثيره في صفحة وجهك، وضعف جسدك، لكن ماذا عن الوقت الذي صاغك على ما أنت عليه؟ الوقت بداخلك كم كان تقديره؟ وهل تغيرت حقا؟    

 أين ذهبت؟ ينبغي علي أن أفكر في السؤال مليا، هل التغيير الذي طرأ علي مذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة يستحق عناء عشرين عاما؟ هذا هو السؤال حقاً، وهذا ما أعنيه هل أمضيت هذه السنوات على أحسن وجه؟ يقال إن الوقت هو السلعة الوحيدة التي تُمنحها لتنفقها لا لتوفرها. الإجابة ينبغي أن تعاين اللحظات الفارقة، أعني التي إن استطعت ملاحظتها الآن لتمكنت من معرفة التحول الذي طرأ علي مذ ذلك الوقت، أن افهم ما الذي دفعني لاختيار أمر دون آخر، يقال أيضاً أن القلب أشد حفظاً من العقل، وعليه ينبغي لإجابتي أن تستحضر ما كنت عليه حين اخترت الطريق الذي أدى بي إلى نتيجة اليوم.

ثم الإجابة ومحاولة فهمها.

 

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات