عندما كنت طالبا جامعيا، اضطررت لأخذ مادة إلزامية وهي الإنجليزية لغير الناطقين بها ، والسبب هو ضعفي في الكتابة، حتى التقيت بأستاذ جامعي هو جيسي دوران، أذكره لأنه صاحب الفضل بعد المولى عز وجل في إرشادي للكتابة بالإنجليزية ولأنه طلب مني القيام بتمرين بسيط هو كتابة ٣٠٠ كلمة في كل ليلة لمدة ٤ أشهر، عن أي موضوع لقاء ٥ درجات تضاف لدرجتي النهائية فأوفى بعهده وقال: أعتقد أني عثرت على كاتب. حين فرغ من قراءة قرصين من المواضيع في شتى جوانب الحياة.
قال بجانب الكتابة الإنجليزية ما الذي تعلمته؟
قلت: كانت هناك أيام أحس بأني قادر على كتابة مجلدات كاملة، ولمّا أفرغ مما أحس به، على عكس ليال أخرى كنت أجد نفسي عاجزا عن الحديث في أي موضوع وعن أي شيء.
قال: آه نعم، وهكذا هي الحياة أيها الشاب. فترات غير قصيرة من الرتابة، تتخللها لحظات تجعلك تتوق لما بعدها لحظة تخرجك، لحظة لقائك بمن تمضي بقية العمر ثم حين تلتقي بأطفالك ..

أذكر هذا التمرين، وأكثر ما استفدت منه هو أن تفكر مليا بيومك، أعني محاولة فهم بواعثك وردود فعلك خلال يوم مضى وهو ما يحتم عليك أكثر من مجرد التذكر أي أن تتفكر، وتقلب في كل ذكرى من أكثر من زاوية. كأنك تقذف بنفس النرد عدة مرات وفي كل مرة يظهر لك رقم جديد، رقم آخر لنفس النرد

وأحاول في هذا العام أن أدوّن ٣٠٠ كلمة في كل يوم، وهو ما لن يكون متسلسلا وعله في بعض الأيام سيكون طرحي مبهما غير واضح، لا يهم …ما يهم هو بحثي عن الكلمات في هذه الخانة من المدونة أكثر من التدوينة ذاتها، لأن رحلة البحث هي
التي تقربني لما أريد، لنفسي البشرية ولفهم ماهي عليه . يتطلب الأمر هذا صبرا ومثابرة وكثير من الشجاعة، خاصة إن كنت انشر كل ٣٠٠ كلمة عبر المدونة لا عبر صفحات مفكرة
بالقرب من سرير، أو في داخل رف ما.

وهذه أول ٣٠٠ لنرى ما مدى جدوى المحاولة