قلب أب

من نحن

ولدي الغالي مشعل، مضى عام على وجودك بيننا أيها المزعج! وحين سلبتنا نومنا أبدلت يومنا ضحكاً ومرحا -حفظك الله-حتى أن أختك منيرة صارت تفتقد وجودك إن كنت بعيدا تمضي بعض سويعات في بيت جدتك، لأن هذا البيت لا يكتمل إلا بوقع يديك ودبيبك وحبوك على أرضه وضحكك، وصراخك وكذا بكائك في أرجائه. بني، تقول والدتك بأنك “ابن أبيك” لأن أختك لفظت كلمة “ماما” أول الأمر ثم أنها تعطفت بقول “بابا” بعد عدة أشهر، ولا زلت تصر أنت على كلمة “بابا” فقط، بل وتفرح حتى كأنك حزت الدنيا بأسرها حين أحملك بين يدي، وتلمع عيناك وأنت ترى أني أنا البطل الخارق أقوى رجل في عالمك “بيتنا الصغير” يحملك فوق كتفيه تقول والدتك: الله يديم المحبة! وأقول: آمين. أنا اليوم سيد الوجود في عالمك، أنا مركز دائرة عالمك المحدود والذي لا يتعدى بضع خطوات هنا وهناك في أرجاء البيت. أنا الأقوى والأسرع، أنا الأكبر والأثرى والأذكى والأشجع. وأنت لا زلت تملك براءة الأطفال ما دمت أنا في عينيك ذاكم البطل الخارق، لكن الأيام تسلبنا هذه الصور التي نشكلها في مخيلتنا، كما تسلب براءتنا. سرعان ما ستكبر-إن شاء الله-فتتسع دائرة عالمك لتضم أبطالاً آخرين ستقيس عندها وتقارن، سترى أن والدك قد يملك المال لكنه ليس الأثرى، وعله قوي لكنه ليس الأقوى، عندها سأعرف ذلك في عينيك، فلا تخجل..لأنك كبرت، وزالت عنك آخر صور الطفولة – أي البراءة-التي فطرنا عليها فتجعل والدينا مركز كل شيء. فإن شكوت ألما ناديت ماما أو بابا، وإن جعت، أو اشتهيت حلوى أو لعبة حتى إن أردت الحديث فبابا وماما كذلك. لكن الدنيا تسحب هذا البساط من تحت أرجلنا، وهي تأخذ كما أعطت، فتعرينا من تلك الصفات وتكسوها لأحد في دائرة معرفتك التي تنمو والتي قد لا نكون أنا ووالدتك مركزها. سيكون هناك الطبيب، والطاهي، وصاحب الدكان عوضاً عن حاجتك إلينا. ستمضي أوقاتا مع صحبك وعلك تفضلها على أوقاتا تمضيها معنا. بل دعني أهون عليك أمراً قد تمر به، قد يسري إليك في عنفوان شبابك أن تنتقد بعض أمري، عندها تكبر بحق! لأنك تقارن ما أنت عليه بما أنا عليه، بل سترى الصواب في جانبك وتدفع الخطأ لجانبي فليس هذا من العقوق من شيء، لذا هون عليك. هي طبيعة الإنسان، ودلالة على تقدم العمر. لكن إن كان ثمة شيء فأسأل الله أن يمد في عمري، حتى يقر عيني برؤيتك ناضجا قد آتاك الحكمة، وهي عندما تتغافل عن أخطاء والدك، فتدرك أن هناك من هو أقوى وأسرع، هناك من هو أعلى قدرا، وأكبر شأناً، وأكثر مالا، وأوفر رأيا، وأشجع لكن لا يوجد من بين هؤلاء الناس قاطبة في هذه الدائرة الشاسعة من يحبك كوالدك.. عندها تلمع عينيك لأني سأرجع مرة أخرى بطلك الخارق. كل عام وأنت بخير، والعمر كله يا مشعل. بطلك الخارق، والدك

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. نوال

    2014/08/09 - 04:11 م

    السلام عليكم ورحمة الله

    وأنا أقرأ عن دبيب مشعل يتصور إليّ دبيب ابنتي الصغيرة ألفة التي تقارب هذا العمر وتساويه بعد شهر وثمان عشرة يوما… تملأ الأجواء شغبا وضوضاء، تتبع حبوا أهل المنزل ذهابا وإيابا، لا تكل ولا تمل من محاولات الوصول إلى ما تريد… تحب أختها حبا جما منذ أيامها الأولى وتتأملها في أفعالها بإعجاب مبتسم :)

    حفظ الله لك قرة عينك

  2. Raed

    2014/08/17 - 12:42 ص

    حفظ الله لكم صغيرتكم وأقر عينكم برؤية أحفادكم منها :)

  3. dots...

    2014/08/18 - 11:47 ص

    overwhelming … and so sentimental .. الله يباركلك فيه ويجعله قرة عينك

  4. Fatema

    2014/09/01 - 01:37 م

    Best birthday gift ever. You should do it every year and make a book at the age of 18 for him to take to college

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات