هيئة أشغال وأمنية صادقة للعام ٢٠١٤

قد يعلم الكثير ممن يتابعونني على تويتر بانتقاداتي الحادة لهيئة أشغال التي تقوم بجزء ليس هين في بناء البنية التحتية وقد كان من ضمن ما أطلقت عليها من أسماء هيئة “الأشغال الشاقة.” لأنها تحبس المواطن والمقيم على السواء عن اللحاق بأهلهم، وصحبهم، وأعمالهم. وعل ٢٠١٣ كانت سنةً خانقة، عانى منها الكل بلا استثناء، الكبير والصغير، الغني والفقير، الموظف والوزير، والشعب.. احم.. قاتل الله الاستطراد أين كنا؟ لكن رأيت من باب العدل أن اذكر شيئاً وهو أن أمر بالتحديات التي تواجهها هيئة أشغال فمن ضمنها مثلاً: 

التضخم السكاني الذي كان نتيجة حتمية للاقتصاد القطري، وعدم حد وسن القوانين لإعطاء رخص القيادة لكل من وفد على البلد. أضف إلى ذلك المشاكل الفنية كإرساء العقود التجارية، والمعضلات القانونية، والإشكالات اللوجستية كعدم توافر مواد البنى التحتية، والفوز باستضافة ملف كأس العالم للعام٢٠٢٢ الذي غير من مخطط مدينة الدوحة إلى حد ما، ناهيك عن التشريعات التي علها لم تسن بالسرعة التي كنا نتوقع من هيئة أشغال تنفيذها.    

الغريب في هذا كله، أن المواطن القطري يشرق ويغرب في حله وترحاله ولكن انظروا في إنستغرام فالمواطن ما زال يلتقط صور برج إيفل ولا تراه يلتقط صورة لزحمة باريس الخانقة، وتراه يلتقط صورةً لمتاجر هارودز ولا تكاد تمر بصورة له تجمعه باختناقات مدينة الضباب القاتلة، وهو شديد السعادة بالازدحام في تقاطع التايمز في مدينة التفاحة الكبيرة – نيويورك-ولا نراه بهذا القدر من السعادة في ازدحام الكورنيش وعن جانبيه البحر والبنايات العصرية الشاهقة الارتفاع. والمواطنة القطرية تراها تذهب لأقصى العواصم بدءً بإمارة دبي، وإسطنبول، وهونغ كونغ وكل صورها على الإنستغرام طعام في زحام   لتجد تعليقاً “الجو..واي يجنن وحشتيني ميمي، وسوسو..عووش لا يفوتج الكيك” على النقيض تراها تغرد بالشتائم واللعان على كل موظف في هيئة أشغال سواءً تسبب في الزحام أم لا، لأنها جائعة في شوارع مدينة الدوحة وتريد شاورما من مطعم لا يبعد سوى ربع الساعة من معدتها!  

وعليه، فأنا أهيب بإخواني وأخواتي.

التعقل يا عباد الله، والتريث يا جماعة، علينا جميعاً بالتحلي بالصبر لبناء دوحةً أجمل، وعلينا عدم التعجل في إطلاق الأحكام تماماً كما أود منكم ألا تتعجلوا بالحكم على هذه المقالة حتى تفرغوا منها، فالعبرة بالنهايات والمغرور من غرته البدايات. 

خاتمة ورسالة للعاملين بهيئة أشغال:  

شهد الله وملائكته أني لا أحمل أي من الضغينة لأي منكم في الهيئة، سواءً من الإدارة أو طاقم العاملين. أي موظف سواءً بالقطاع العام أو الخاص، يدرك أن هناك إعاقات وتحديات، وجانب كبير للتطوير، وشوط بعيد من التنسيق بين الجهات المختلفة، والتعلم من الدروس المستفادة. بل أؤكد لكم يا سادة إن صادف وقابلت أي منكم إذاً لوجدتموني هاشاً، باشاً. أحادثكم، وأسامركم، وأضحك في وجوهكم ولا أجد في صدري شيئاً عليكم إطلاقاً. راجياً منه سبحانه أن يجمعنا على كل خير.

لكن.. 

هذا لا يعني أني أتمنى ألا يطول بكم العهد في مناصبكم، وألا يجلس من هو أكفأ منكم على كراسيكم، لأن جميع ما ذكرت لم يكن سوى أعذار طابت لها نفوسكم، وضقنا ذرعاً بها. العواصم العالمية بها تحديات تفوق تحدياتنا، وقد رأينا تعامل هيئات الطرق في شتى عواصم العالم، فكان العمل على مدار الساعة وعدم إزعاج مستخدمي الطرق أثناء ذروات الزحام ينم عن ذوق وفهم. 

 التضخم السكاني كان متوقعاً، وكنتم على اطلاع بالإحصاءات والبيانات فلم تزيدوا على أن تطيلوا النظر فيها دون أي اكتراث. العقود التجارية صيغت بلغتكم وحسب شروطكم التي هرب منها الغريب قبل القريب، والمعضلات القانونية أنتم من خلقها فوقعتم في شراكٍ نصبه مستشاريكم! والتضخم في الأسعار كان نتيجة تخبطكم وعدم قدرتكم على إدارة المشاريع، وقد كنا نسعى مذ أعوام لاستضافة كأس العالم، فأي عذر وقد كنتم على علم تام بعزم الدولة على استضافة هذا الحدث وما يترتب عليه؟ والمشرعون لا يعلمون كيف هي سبل علاجكم؟ 

العاملين بهيئة أشغال، أنتم اليوم تشكلون خطراً لا على ملف استضافة كأس العالم ل ٢٠٢٢ بل تشكلون خطراً على ملف أكبر من ذلك بكثير، وهي همم الجميع التي قد تفتر بسبب إهمالكم، وعزم الجميع على النجاح لأنهم سيُرتقون ويُقدرون حين كان فشلكم الواضح والجلي في افتتاح أعمال “تحسين” الكورنيش الذي اجحفتم بوصفه: عيدية! وهل هي عيدية قيامكم بعملكم على أتم وجه؟ فكيف وقد اعتلاه كل علل، وبكل خطأ امتلأ واكتمل؟ وحتى بات حالنا في العيد ونحن نرى الإشارات المرورية تضيء بغير دراية، ورجال المرور ينظمون في غير جدوى سيرنا المتعثر، والحفر تملأ جوانب الطريق، حيث يركض العمال بفوضى في كل حدب وصوب كما قال الشاعر: 

عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ …بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ.

وبحسب موقعكم الذي جددتموه، فأنتم تعتزمون معاودة العمل في نفس المشروع “الكورنيش” تحت مسمى الإغلاق الجزئي والمؤقت في مطلع ٢٠١٤. 

سألتكم بالله، أي افتتاح تمنون به علينا؟ وأي نجاح تتشدقون به أمامنا؟ 

العاملين بهيئة أشغال، 

منكم من هو لنا قريب، أو صديق، أو من رأينا في معرفته كل خير. أحبابنا أنتم و “على راسنا من فوق، لكن الوطن أحب إلينا منكم.  أتمنى جرأة في التعاطي مع فشلكم، ونوعاً من الصراحة في الحد من هذا التخبط. في هذا العام الجديد لا نريد محاولات أخرى ووعود بالتغيير في ظل وجودكم لأننا خبرناكم ورأينا قصارى جهدكم “كفيتوا لكن للأسف ما وفيتوا” أتمنى أن تعطوا المجال لغيركم، لأننا نحتاج تجديد الدماء لا المواقع الإلكترونية ولأنه وكما هو مذكور في موقعكم الإلكتروني الجديد “قطر تستحق الأفضل.” 

شكر الله سعيكم. 

بكل ود،

أخوكم المواطن الذي يهمه مصلحة وطنه ووطنكم. 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات