الصمت والدجاج الوطني.

بدون مقدمة:

اذهب للخاتمة وفكاك!

بمقدمة:

أنصت إلى صوت الدجاجة حين تنقنق، إنها تقول: فكاك أي فكه منك!

والآن اذهب للنص.

====

اعشق الدجاج، فإن كان مسلوقا كان صحيا، وإن حُضر بالقلي كان زكيا، تبله كما شئت بالبقسماط، أو بالثوم والبهارات، والأعشاب والمكسرات. لو كان في فرن كان مشويا أو لُف بالخبز صار طبقا تركياً، وفي الدجاج ومخرجاته(البيض) من الفوائد ما لا تتسع له هذه التدوينة ولكن للأسف هضمت شعوب الخليج الدجاج حقه، وجحدت فضله فلست ترى من يولم ضيوفه على دجاج! لأن في الدعوة إلى الدجاج انتقاص لقدر الضيف وعار عظيم على المضيف،” منقود وعيب ” لا ضير بالسمك لمن يطلبه لأن اهل البحر يعتزون بكنوزه ولا ضير باللحم لأن اهل البادية يقيسون الكرم به. وحده الدجاج لا صاحب له، لأنه طير لكن جناحه للأكل لا للطيران، وله منقار ليلتقط الحب لا ليفتك بفريسة، هل شاهدت أحدهم يضع صورة لديك مثلا؟ في حين بقية العصافير والطيور الكاسرة توضع هنا وهناك وهم جميعاً أقل فائدة من دجاجة وادعة تضع لك البيض في صمت على مدار العام.

لكن هذا الحب وتلك المعزة لهذا الصنف خاصة الوطني منه، لا يمنعني من انتقاده لا بقصد الإساءة أو الانتقاص أو إبراز العيوب لكن بهدف القياس والمقارنة وإظهار سبل التطوير. الدجاج لا يكترث، وأصحاب المزارع يقبلون رغبة في الاستماع والتحسين والتطوير لكن هناك من يريد مصادرة رأيك، وتكميم فاهك، وصرفك عن قناعة بشعارات لمّاعة ، في حوار عقيم، ونقاش سقيم.

فيقول على سبيل المثال: “ياخي أنت تثير بلبلة وتظهر عيوب الدجاج للمناطق المجاورة، فتمدح دجاجهم وتعيب علينا دجاجنا الوطني!  سألتك بالله هل فعلا تحب الدجاج؟ استحلفك. هل الأمر هين عليك أن تقول: تعليب البيض في الدولة المجاورة أهون.” ثم تغرورق عينا السائل بالدموع، ليكمل: “أهين عليك أن تقول تعليب البيض في الدولة المجاورة أحسن من تعليب البيض عندنا؟”

يحدث كل هذا وأنا اضرب كفاً بكف، وأحوقل. انتظر الكلمات أن تقف، والصوت أن ينقطع والأنفاس أن تنكتم حتى أعرف أن أحاور هذا المندفع بحماس حتى إذا فعل، سألته: تأكل بيض “وطني” مسلوق؟

الوطني بفضل الله: ما شأن هذا بحوارنا؟

أود معرفة مدى واقعك باندفاعك وحماسك للدجاج الوطني.

الوطني بفضل الله: أنت تصطاد في الماء العكر.

لا، ذاك السمك الذي يعيش تحت سطح الماء، الدجاج يوجد فوق سطح الأرض!

ثم تبدأ عملية استبدال موضوع النقاش “الدجاج وكيفية تطوير هذا المنتج الوطني” لتصبح “هل تحب وطنك؟ هل أنت مواطن؟ هل هذا الانتقاد ينم عن حس وطني؟” هل تريد تحقيق مكاسب شخصية على حساب ملف حساس مثل الدجاج؟ وأنت لا تدري أن للدجاج ملفاً أصلاً!

ويتم بناء معسكرين أثناء أكلك للدجاج الوطني، والحوار مع شخص لم يذق الدجاج مرة واحدة في حياته، وإن فعل فهو دجاج مستورد! لتجد نفسك في معسكر “من ينتقد الوطن لأي سبب، ولا يعجبه العجب” كل هذا لأنك أردت أن تعبر عن رأيك بكل صدق وإخلاص، لكنها الوطنية المغلوطة المدفوعة بالحماس الثوري (وكلمة الثوري هنا ترجع لمصدر ثور-أجلكم الله-لا ثورة)

ويضيع عمرك في دفع شبهة لا أصل لها، ولإعراب خبر لا مبتدأ له. فقط لأنك أردت أن تقول: “بخصوص الدجاج الوطني.”

 

خاتمة  

إلى هؤلاء..

من ينظرون لأنفسهم على أنهم حماة الوطن، الغيورين عليه، الذين يأبون الحديث عن أي عيب، أو نقاش أي خلل، لأنهم يخشون على الوطن من مذمة هنا أو هناك. يعدون أنفسهم أبواق الوطن، وغيرهم نشاز، أو تغريد خارج السرب لا يتفق مع اللحن العام والوجهة المبتغاة. هم الذين فهموا الوطنية، وورثوا حب الوطن وغيرهم يتصنع ولا يعلم من الوطن وحبه سوى الطلاسم. هم من يستطيعون التعبير شعراً ونثراً عن الوطنية وأنت لا تحسن الحديث عن الوطن إلا عبر كلماتهم، ورأيك جزء من آرائهم. هم قطعوا شوطاً بعيداً في الوطن والوطنية وأنت لازلت عند أول خطوة. 

إلى هؤلاء..

الذين يعدون الوطنية معيناً ينضب فإن زادت عنده قلت عندك، وهي تقتسم وتنفد وعليه فهم من تضلع بها، وأنت من لم ينله منها سوى رشفة، لأن الوطني نفسهم لا ينتقد شيئاً. الذين يدفعون الجميع للصمت، لأنهم لا يودون سماع أحد، لا أنا ولا أنت ولا حتى الدجاج! هم يريدون سماع أصواتهم فقط وهذا قول فرعون لقومه:

مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ.

 

إلى هؤلاء..

 

أقول: فكاك

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. مريم

    2013/12/26 - 02:20 ص

    Finally a blog worth reading ! Love your writing and your style I really enjoyed your chicken article. Right on spot

  2. Raed Al-Emadi

    2013/12/26 - 09:54 ص

    مرحبا مريم،

    شكراً لك، ودمت متابعة :)

  3. Ajayan

    2013/12/26 - 10:51 ص

    ذكرت الشخص الذي لم يذق الدجاج ، وانا تذكرت الشخص الذي لم يزر قن الدجاج ولكن لايزال ينظر له

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات