نقباء الموت.

 

فجعت هذا الأسبوع بوفاة ابن خالة لي في العقد الرابع من عمره، على حين غفلة  وقد كان – غفر الله له – غاية في دماثة الخلق، بسيطاً محببا للغريب قبل القريب، وللصغير قبل الكبير. بل عجبت لأمره! يبكيه الصغار، ولم تطل معرفتهم به، ويبكيه الخدم بالرغم من قلة تعاملهم معه فكيف بمن طالت معرفتهم به؟
أقول نقباء بالرغم أن الموت مصير لنا جميعا لا خيار، لأن الموت يختار هؤلاء النقباء وفق نسق محدد. وقد تكون أيها القاريء مثلي، قد فجعت بواحد من أهلك، وعترة بيتك، كنت تحسب الزمان يوفره لأنه يعين على نوائبه، تجده مباركا في كل عرس، معزيا في كل جنازة، حاضرا في كل أمر، مسديا للمعروف لكن الموت ينتزعه من وسط أهله ودون أي نذير ولسان حاله:”حتى هؤلاء البسطاء، ليسوا بمعزل”
لم يكن بسيطا بمعنى أنه كان مسكينا، فقد كان بابه يُطرق، ويده تُعطي. لم يرد الدنيا ذات يوم، لكنها أرادته كل يوم. فكان مثالا لصفاء السريرة، وصدق النية ومكافأة السماء للعبد يرقب الله في كل أمر فيبارك له الله في كل خطوة.
وكان شديد التنافس -غفر الله- يفاخر بالصدارة، ويكره الخسارة، لكنه ما حمل في صدره شيء على من غلبه. بل إني رأيته يقبل على من أساء إليه يسبقه منافسا قائلاً مبتسما:”لا يكون في صدرك شي؟ تراك أخو” فكأنه أراد منافستنا حتى في جنازته، إذ غض المسجد بالمصلين، وهاب الإمام بالمصلين بأن يوسعوا قدر المستطاع لأن إخوانهم يصلون في الخارج. كأني به يشق على من بعده كعهده دائماً. حتى في هذا يا بو عبدالله؟
قد تموت الجماعة ولا حس لها، وقد يموت فرد فكأنك فقدت عشيرة بأسرها، فقدت الأخ الكبير، وابن الخالة، فقدت الصديق، والمعلم. فقدت كل ذلك وأكثر.

عزيزٌ علي أبا عبد الله أن أكون في المجلس فأسمع وقع الأقدام، وأذّكر نفسي أنك لست القادم.

“ربينا طول عمرنا يا بو عبدالله والعجايز يقولون لنا أول ما تروح عنهم: سلطان مهب من الدنيا ولاهو لها الله يحفظه” 
لا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك أبا عبدالله لمحزونون.
FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. احمد المفتاح

    2012/05/11 - 06:58 م

    فجعتم وفجعنا برحيله فهو الصديق الاخ والأخ الصديق .. ما علمنا عنه الا كل خير .. دوما مبتسما .. نراه في فرحنا ونراه في حزننا .. يتمنى ان يخدم إخوته فهو المحب لهم والتواق لوصالهم وقربهم .. تشغله الدنيا عنا فيعود مشتاقاً لنا ونحن اكثر شوقاً اليه .. وعندما تغزونا دنيانا بما كتبه الله علينا نجده ذلك السند الذي نستند عليه .. فهو المتفقد السؤول عن اخوانه الذي يتمنى انه يخدمهم بعينيه .. كان يتمنى ان يخدم اخوه احمد ولم يتسنى له ذلك .. ولكن عندما طلبته العون لم يتردد .. بل قال انا لها .. فكم من مرة قالها وقت زواجك اذا اردت اي شيء فاخوك سلطان موجود .. لم تكتمل فرحته بخدمتي فالأمور تتغير .. لكن يكفيني انه كان يعرض خدماته لي دوما .. ويكفيني انه يزور فلانا لرؤيتي .. ويكفيني انه دائم يسأل عني عند من يعرفني ويعرفه .. كنت اتمنى ان لا اسمع انه كان يعاتبني في الغاء يوم تلاقينا الاسبوعي الذي كان يجمعني به وببعض قرابتي واحبائي فهو كان جزءا لا يتجزء من ذلك اللقاء .. قد يغيب لسفر وقد يغيب لمشاغل الدنيا .. لكن يبقى ذلك الركن الذي لا نستغني عنه ..
    صديقي وأخي سلطان .. بعد رحيلها ذلك البيت الكبير اصبح مظلماً .. فلم استطع ان التقي بكم في بيتها وهي قد رحلت عنه .. وهأنت رحلت ايضاً فانا لله وانا اليه راجعون .. وصبرنا الرحمن على مصابنا فيها وفيك ..
    رحمك الله يا امي ..
    رحمك الله ابا عبدالله ..
    وعسى الرحمن ان يجمعنا بكم ومن نحب في عليين ..

  2. Sultan Amealla Sultan

    2012/05/12 - 03:01 ص

    رحل عنا فطوى مشواراً يناهز الأربعين عاماً. شاركني الأسم فكلانا سمينا سلطان نسبة لنفس الجد، رافقني طفولتي ومسيرة دراستي، خاواني في اول سفرة لنا من دون اهلنا حين سافرنا الى بريطانيا لتعلم اللغة وكنا حينها في الخامسة عشر ربيعا. ثم ابتعثنا للدراسة في امريكا، فتقاسمنا الغرفة، لم يبدي ابداً ضيقه لسماع شخيري الذي طالما ارقه لكي لا يؤذي شعوري.
    كان دائماً سنداً كلما ضاقت بي الحالة المادية فكنا نلقبه في الغربة بالبنك، لم ينجر ابداً لشهوات الدنيا ولم تأثر به الأجواء المحيطة، فكان ملتزماً بنهجه المستقيم الذي لم يحيد عنه أبدا. تخرجنا فعملنا في نفس الشركة حتى رحيله، كان قليل الشكوى، قنوعا، مثابراً، خدوماً للقاصيي قبل الداني. رحمة الله عليك ياابوعبدالله. كنت لي اقرب من أخ واكثر من صديق، وكعادتك تفوقت علي حتى في رحيلك، فهنيئاً لك تلك الجموع التي شهدت جنازتك ولم تكل في مدحك.
    نبكي على انفسنا ولا نبكيك لأننا على يقين من انك ستكون في مأمن عند الرحمن الذي تسع رحمته كل شيء فما بالك بابوعبدالله.
    عاشرتك أربعين عاماً لم تأذني فيها قط إلا برحيلك. عسى الله ان يجمعنا في دار الخلد.
    وداعاً يا نصفي الحلو، والله يقدرني ويصبرني على فراقك ويخفف عني الغصة كلما رأيت أبنائك.
    أخوك سلطان امرالله

  3. محمد العبدالغني

    2012/05/13 - 02:42 م

    بوعبدالله لم يكن رجلا عاديا ..
    لي انا على الاقل
    ليس خالي ولا عمي لكنه كان اكثر من مجرد صلة قرابة تذكر .. كان الاخ في احيان وكان الخال والعم وبل الاب في احيان

    اجده حولي اينما ذهبت .. كان معي في كل شيئ ويمكنني وانا اتحرى الدقة ان اقول انني عرفت حياتي وبها سلطان

    كان رحمه الله صديقا لاصغر صغير .. ورفيقا لاكبر كبير ووزير

    مبتسما للجميع .. ومستعدا ان يفعل ما يستطيع ليسعد الجميع

    عرفت السفر صغيرا وهو عضو دائم العضوية فيه .. لا يتأفأف ولا يمل من صراخي وتطلبي

    عرفت الرياضة وهو شغوف بها ولا اكاد اتذكر شيئا عنها لايكون جزء منه

    علمني كيف العب التنس ..

    اخر ما فصلت من ثياب كان معي وقتها واصر ان يدفع ثمنها ..

    حتى ان أخر بيت زرته قبل عودتي الى امريكا كان بيته ليلة السفر

    ادرك جيدا انني لا انسق الافكار واني ابدأ بفكرة قبل ان انهي الاخرى ولكني حاولت ولم استطع
    انك يا بوعبدالله في كل تفصيلة .. في كل لقطة .. في كل عمر

    حيثما ادرت وجهي اجدك ..

    كيف سيكون يوم الجمعة بدونك ؟

    كيف سيكون افطار رمضان من غيرك ؟

    الن تجلب هذه السنة (خردة) العيد ؟

    الن تكلمني بعد ان ينتصر فريقك برشلونة على فريقي مدريد ؟

    الن تحكي لي بعد الان عن اخر مدينة زرتها ؟

    الن نشاهد مباراة اخرى معا ؟

    الن نستدعيك عندما يتعطل اي شيئ ؟

    لقد كنت دائما هنا .. كنا دائما نلجأ اليك

    انت في كل مكان يا بوعبدالله .. حتى وجودي بعيدا عن كل شيئ هنا في امريكا يذكرني بك

    الست انت من رتبت لي جهة ابتعاثي هذه ؟

    الله يرحمك يابوعبدالله قد ما اسعدت الناس

    الله يرفع درجتك يابوعبدالله بكل بسمة زرعتها حولك

    احنا مب زعلانين عليك .. انت ان شاء الله في مكان احسن .. مع ناس احسن

    احنا بس زعلانين انه خلاص مافي بوغبدالله ..

    الله يشهد اني مافقدت حد او شيئ اغلى منك

    الله يجمعنا فيك في جنات الخلد .. هي ايام راحت بس كانها سنين .. وحشتنا يا بوعبدالله

  4. layal

    2012/05/19 - 01:22 ص

    عظم الله اجوركم – واسكن فقيدكم جنان الخلد

  5. فاطمة

    2013/04/21 - 11:23 ص

    الموت هو القدر المحتوم ولا يمكن أن يفر منه أي أناس كلنا نموت ولا فوت منه بأي حال من الأحوال إذا جاء الأجل لن يؤخره أحد

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات