آسف.. لن أعتذر!

لا أدري متى بدأت باستخدام العبارة التي عنونت بها هذا المقال؟ هل كانت أثناء دراستي الجامعية بأمريكا حيث وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ حينها، رأيت الذعر يجرّد الناس من عقولهم و ينزع عنهم منطقهم. و من يدري علّنا السبب؟ مثلاً ما كان الأمريكان يسمعونه عبر الأثير و يشاهدونه عبر شاشات التلفاز لألف تفسير و ألف تعليل من قبل المتحدثين العرب بكل انكسار و كل اعتذار لفرح الأطفال الفلسطينيين و خروجهم مبتهجين في الشوارع فرحاً بسقوط برجي التجارة العالمية. “أطفال صغار، لا علم لهم بالسياسة”، “تصوير قديم”،” نحن نأسف لهذا التعبير المفتقر للذوق.” هؤلاء أطفال دفعت لهم إسرائيل لتشويه صورة الفلسطيني الحنون الإنسان الجميل الوسيم” و الكثير من العبارات، و لا أدري أين غيبت عقولهم حينها؟

أذكر أن أشد الطلاب تعصباً في حرمنا الجامعي أقبل آنذاك فسألني: هل أنت آسف لما حصل؟

فقلت: يؤلمني ذلك.

فقال: و هل تعتذر عما فعله هؤلاء القتلة؟

فقلت: نعم يا روح أمك؟ أعتذر؟ و لم؟ و هل كنت من تنظيم القاعدة حتى أعتذر لك؟ هل كنت داعماً لهم؟ أم راعياً ذهبياً لهم فأنا الممول؟  أي علاقة تربطني بهؤلاء ” القتلة” كما تقول؟

هم مسلمون.

نعم، و لست أطعن في إسلامهم.

يعني دينكم يحث على الإرهاب؟

لا، عقلك هو اللي يحثك على الخراب! هؤلاء مسلمون، و لست بالعالم و لا أعلم أحداً ثقة حجة يرمي مسلماً بكفر ثم  يدعو أن يودع القبر  فيحشر إلى جهنم و حر!

إذاً لم لا تعتذر، بما أنك مسلم؟

أنت، يا هذا هناك مليار منا! لو أني اعتذرت عن كل تصرف بدر من أحدهم لأمضيت ما تبقى من عمري معتذراً، مطأطأ الرأس خانعه، من قام بهذا الفعل لديه أصحاب يشاركونه قناعته فاذهب إليهم و التمس منهم الاعتذار أما مني فلا. لم أجرم بحق أحد، و لم أذنب فأي شيء تريد مني؟ أن أتذلل لك و استعطف منك قبول اعتذار لجرم لم أقترفه؟

هل اعتذر كل الأمريكييون لباقي الأمريكيين عما فعل تيموثي مكفيه؟ ثم أني لم أرى الأساقفة و الرهبان يسارعون في تبرئة النصرانية و تعاليم اليسوع من هذا الفعل، كل ما تلقيتموه و تقبلتموه هو إخراجه من ملة النصارى ببساطة! هذا فعل غير نصارني إذاً فهذا الرجل مش بتاع ربنا و عليه فإنه غير نصراني و لا يمثل أحداً لا من قريب أو بعيد. لكن.. لكن ديننا مختلف فنحن نتبرء من الفعل لا الفاعل. هل من المسلمين قتلة و سفلة و أناس يعاقرون الخمر و يغشون – حشا ما عندنا غشاشين – و زناة و و..؟ نعم لكنهم مسلمون، و يبقون كذلك ما أرادوا.

درو – و كان هذا إسمه – لن أستحي مما لم أفعله و عليك أن تتعايش و تتكيف و تتقبل أن المسلمين منهم الصالح و الفاسد.. فإليك عني.

مضى على ذلك دهر و لا زال البعض يريد مني الاعتذار عن شيء فعله مسلم ما في رقعة ما، أو عربي أو قطري أو رجل من بني قومي أو حتى أخي. و هل كنت مسؤولاً عن تصرفاتهم؟  أينكم من قول ربنا: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}

حتى طلعت علينا مشاهد قتل القذافي، فراح معسكر الاعتذار يندد قائلاً : أبداً مش من تعاليم الإسلام حضرتك! و هؤلاء أساؤوا للشباب الليبي،و العربي، و المسلم على السواء. عملاً بمذهب “أودي وشي فين؟إنتوا جبتوا إسمنا التراب” و والله لم يعدُ هؤلاء عن أن يسيؤوا لأنفسهم و لتربيتهم فقط.

ما العقلية التي تختزل كل هذا الكم الهائل من البشر في فعل واحد لإنسان واحد؟ النصوص تقع على الواقع، لا العكس. كفاكم اعتذاراً، إلى من تعتذرون؟ و عن أي شيء؟ ارفعوا رؤوسكم فلستم أنتم المجرمون. أُصدقُكم.. انظروا أمامكم ستجدون من تعتذرون له، مجرم يمسح دماء الأبرياء عنه.

 

 

 

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. رهف غراب

    2011/10/27 - 06:34 م

    كلماتك تلهب الدواخل أستاذي ، بالفعل نحن بحاجة للإشارة للفاعل لا الاعتذار عنه هو فعل لطيف لا احد يجادل في ذلك لكنه غير مجد.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات