جيمس و أردم.

لا ليست هذه طلاسم لسحر أو وفقاً لمحبة، ليست هذه أسماء جزر  في قعر محيط ما، أو ديناصورات طواها التاريخ، هذه أسماء لحلّاقين أحدهما جيمس من الهند و الآخر أردم من تركيا، فما هي قصتي معهما؟

جيمس هو القديم، كان محتكراً لكنه يجيد عمله. ثم أن الحال تبدل فمع جودته و دقته في تحديد الشعر على صفحة الوجه – حتى إن أردت شكلاً ثلاثي الأبعاد على وجهك لرسمه! –  طوى خبره الآفاق و اشتهر بأنه حلاق السلاطين، و كما أوردت كتب السلف تحذر من علماء السلاطين فحلاليق السلاطين أشد. إذ أنهم لا يأبهون و لا يهتمون بخدك، و لا حسن مظهرك و إن أجزلت لهم العطاء لأنهم يعتمدون على زبائن محددين، زبائن جدد، يجنون كل الدروس المستفادة على خدك. توسع صاحب المحل و ركب الموج و “الأمواج” نحو عالم التوسع، و كما هو معلوم كثرة الخدود  تقل جودة الموسى. من الممكن أن تعديها مرة، اثنتين، لكن الشاب لا يملك أغلى عليه من وجهه في بعض الأحيان: كيوم العيد أو حين تذهب لإجراء مقابلة و شطر شنبك لا يشبه الآخر، شنو؟ فن حر!  “اضطررت للبحث عن البديل، لأني أريد حقي” في أن أكون حسن المظهر مقابل ما أدفع – لا أقل و لا أكثر- حتى مررت بأردم الحلاق التركي بمحض الصدفة. أردم استطاع أن يعيد لي ثقتي في يد الغير التي تحمل موسى الخير. بل أكثر من هذا دهشت لنظام الشاب التركي الوافد، مع حرصه على تقديم سبل الراحة و سؤاله الدائم عن مدى رضاي، عقب كل حلاقة.

 أردم يسعى لارضائي و بحثاً عن كل جديد يلائمني فلا يحشو أسعاره كما كان يفعل جيمس، بعروض غريبة بمعنى أن ليس هناك نوع من التحايل كما كان بفعل جيمس مثلاً “تنظيف وجه شيخ؟” ثم يطالبني بأن أدفع بأشياء لم أطلبها منه. أردم يبحث عما يلائمني أنا لا هو! فهو يسأل عن المناسبة؟ و ما المظهر الذي أود أن أكون عليه؟  و يقدم النصح دون أن يكون ذلك منوطاً بأسعار لخدمات أخرى.  زد على ذلك أنه حين يخطأ أردم فإنه يقر بخطأه على عكس جيمس الذي يلقي باللوم علي، و أنّي تحركت و أن الضوء انعكس على بياض أسناني ف.. و..

 أين جيمس من هذا كله؟ بداية أنكر أني قد قمت فعلاً بمقاطعته، ثم أنه اتصل و قال: ليش إنتا ما يجي؟ إنتا مش مال أنا دوست؟ (أي صديق) قلت له و ما شأن الصداقة بالعمل يا صديقي؟ فقال أني خنت الأمانة و أني غير وطني،و ما صدقت على الله؟ و هذا العشم؟ و إخص على الدنيا اللي غيرتنا. ثم راح يمن علي، و يذكرني بأنه كان يمضي عدة ساعات واقفاً من أجل الزبائن، و أنه كان يحلق لي بكل إخلاص. ثم أنه انفجر حين قلت له ببرود: لكن ألم أدفع لك مقابل ذلك؟ ففيم المنّ و لم؟

هل تأثر جيمس بمقاطعتي له؟ في الغالب لا. لكن كنت أنا بداية مرحلة جديدة و كل ما أريد من جيمس حين يفكر في الأمور كيف تبدلت و كيف تحولت، أن أمر بباله فيعلم أني لم أكن فرداً إنما أمثل ظاهرة بدأت

 في الأخير، حاول جيمس مرة و أثنين لكنه كان أجشع من أن يتعلم و أشره من أن يتفهم.

أتمنى من جيمس و أمثاله ممن ترهلوا أن يتعلموا، لأن الدنيا بها من الجادين و المثابرين كأردم و أمثاله  و الوجه وجهي و الكلمة في الأخير لي.

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. حمد المنصوري

    2011/07/05 - 04:39 م

    مقال رائع جداً , اتمنى ان يتعض جيمس وان لا يتمادى في كبرياءه

  2. Sultan

    2011/07/05 - 05:53 م

    الظاهر إن جيمس كان يحلق حق مدراء شركات إحتكار، وهم اللي علموه على الجشع. بس لو جيمس يتعلم ويقدر ان هالبلد الطيب هو اللي سواه آدمي بدل ماكان يطر عشان يأكل . وان الزبائن لهم الفضل انه بنى عماره في الهند وشرى شقة في استراليا وطرش ولده يدرس في امريكا، لكن النعمه زوالة واللي يبطر بيجي له يوم يتحسر على الزبائن اللي طفشهم بجشعه. 

  3. Ibrahim

    2011/07/06 - 12:00 م

    تسلم يدك على هالمقال الرائع. نبي نخلي جيمس عبرة لمن لايعتبر.

  4. أسامه العسيري

    2011/07/06 - 06:59 م

    لنذكر أن نكون مثل أردم وأن لا نكون مثل جيمس … وكما يقول اﻷخ سلطان “النعمه زوالة”…

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات