حسناء على باب الله.

كانت في طريقها إلى خارج المجمع التجاري، تلاحقها أرجل البعض و تتبعها أعين آخرين ممن اكتفوا بالنظر للرياحين عوضاً عن قطفها، يتابعونها كما يتابع عباد الشمس (أو تباع الشمس بحسب علمانيتك أو تدينك.) كان جمالها طاغياً (نفس بعض طغاة العرب الذين بحت أصوات شعوبهم تدعوهم للتنحي و إلى النزول عن عروشهم لينادي أحدهم بعد دهر: إنني خدمت الوطن واجد واجد..و إن شاء الله خمس سنين بعد و موضوعك خالص) جمال التفت إليه النساء قبل الرجال، فالرجال  يسير استمالتهم سهل استثارتهم لأنهم ضد، و الضد يجذبه ضده على عكس المرأة التي تنقد قبل أن تمدح و تفحص قبل أن تعجب بمثيلتها. (أخوي الغبي: مفكر أن المرأة تكشخ لك بالأماكن العامة؟ أنت تحصيل حاصل..امش يا تافه للسطر اللي بعده)

و ليغفر الله لي إذ حانت مني التفاتة – نظرة شرعية – ثم تذكرت من تقاسمني منزلي، و تظل مستيقظاً إن أنا نمت فخفت و تذكرت قول الله (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فاكتفيت بفحص الناس من حولها فهم ما بين ذاهل و طامع.

المهم، و قبيل خروجها انتَبَهَت إلى كشك صغير مهمل و متسخ، لا شيء غير التقوى يزينه و لا دعاء المساكين يقيم دعائمه، بداخله إعلان كبير به صورة طفل على عينه ذبابة (نفس الطفل الذي تراه منذ حملات الاغاثة في مطلع الثمانينات، فتدمع عينك أسفاً و يرتفع صوتك بالعويل و أنت تلفت انتباه من بجانبك: أعععع شوفه ما فيه حيل حتى يكش الذبان أو يغمض عينه أعععع) وقفت بكل براءة أمام هذا هيكل التبرعات، و غض المطوع المسكين بصره و شاح بعينيه إلى حيث لم تكن هي، فحسبته ضريراً و أخذ يحوقل (أي يقول: لا حول و لا قوة إلا بالله و أكاد أحلف أني سمعته: “إني أخاف الله” و أنا في هذا استشيط غضباً من باب الحسد محدثاً نفسي آملاً في أن تصل أفكاري إليه عبر التخاطب : تحلم تدعيك لمعصية! )


ظل المطوع مرتبكاً، وهي تسأله بكل عفوية إن تواجد لديه نسخة إنجليزية من المنشورات و الكابونات كي تعلم فيم و إلى من تذهب نقودها؟ و كأنها بحفنة المال ستقضي على الآفة التي ستذهب نقودها إليها. ظل الجميع مرتبكاً، حتى من كان بصحبتي قال: إيه ده؟ ده تهريج ..

نظرت إليه: و متى كان صنع المعروف حكراً على أقواماً دون آخرين؟ و جنس دون آخر؟ و معتنقي ديانة دون أخرى؟ و متبعي طائفة خلافاً لغيرها؟ نعم أنا معك الموقف برمته غريب، بل دعني أكون أدق في وصفي هو موقف جديد و ينبغي على الجمعيات الخيرية الإسلامية أن تستوعبه و أن تستهدف برامجها الخيرية غير المسلمين لأن الإنسانية نداء يسمعه أصحاب الخير أياً كانوا باختلاف أعراقهم و أجناسهم و ألسنتهم.


أسفي أن الوحيد الذي تأقلم منا بسرعة على هذا الوضع بكل بديهية بالرغم من معطياته المتناقضة هو أسفل (من سفالة على وزن حثالة) القوم قاطبة ذاكم الذي لم يتورع عن ملاحقتها قائلاً: فديت الطيبين أنا… حن علينا يا بو قلب كبير.
FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Anonymous

    2011/04/30 - 08:41 ص

    الأسلوب مؤثر مشوق ، العبارات قوية ، لكن تداخل العاميّة مع الفصحى أفقد التدوينة توازنها

    بالإضافة إلى أنني احتجت إلى قراءة التدوينة ثلاث مرات لأحاول فهم مغزى التدوينة وفي كل مرة أخرج بنتيجة مختلفة عن سابقتها !!

    هل تعدد المغزى مقصود ؟

  2. S A Sultan

    2011/04/30 - 02:34 م

    السرد جميل جداً ومشوق، لكن الفكره هي الرائعه وعليك في توصيلها إلى الجمعيات الخيريه. كلنا نعلم كم يسخر أغنياء الغرب ثرواتهم للفقراء من وازع إنساني. والأمثلة على هؤلاء كثيرة.تدوينة هادفه والقصد من ورائها في حد ذاته صدقه.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات