عمياء و كلب.

انقطعت بي السبل ذات يوم إلى ميدان فسيح، مكتظ بالناس و رأيت جمهرةً من بعيد فانجذبت نحوها لأن الفرد ينجذب بطبعه إلى الجماعة  شأنه شأن الأقمار تتبع كواكبها دون أن يؤخذ لرأيها أية حسبان.

و إذ بعجوز عمياء طاعنة في السن تصرخ، فالبداية لم أكن أعلم إن كانت تستغيث هي أم تكيل الشتائم لمن تحلق حولها و لم أدر أكانت تشير بعصاها أم هي تهش الناس بها؟  و بجانبها كلب مسعور ينبح، فتارة ينهش رجلاً و تارة يذعر طفلاً ، و الناس إما راغب في تحد أو هارب إلى ملجأ، سألت ما شأنها ؟

قال أحدهم : هي عجوز فسد عقلها لا تنفك صارخة ملوّحة بعصاها متوعدة. و هذا كلبها يتوعد من يقترب منها و هذا حالها تتكسب كغيرها، بالجلبة و الصريخ.  

و قال آخر:  بل ضلت الطريق مذ زمن و هي تنتظر عل أحدهم يفتقدها فيرجع باحثاً عنها.

ثم جاء شيخ ينظر في يأس، قلت : أتعرفها يا عم؟

قال: نعم، و قد مرت بي زمن كان الناس يصمتون ليسمعوا حديث هذه الحسناء العمياء، و يتشاجرون فيمن يأخذ مجلسه بالقرب منها، الكل يجلها و هي الآن لا تدري لم لا يصغون لها، لذا تصرخ.    

هذه “عدالة” و هذا كلبها “قانون”

 

تنويه: لست أعني بلداً بعينه و لا قطراً بذاته.. خلا اللهم شيء جال في صدري فبثثته على الورق.

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. Haya

    2010/07/07 - 09:37 م

    Interesting… With time, justice is blindly following the law. That calls for sympathy

  2. صالح

    2010/07/15 - 10:19 م

    عمياء وكلب
    ياله من عنوان اخاذ
    أهنئك على هذا الأسلوب في التدوين وإلى الأمام

  3. Amna

    2011/06/29 - 03:51 م

    أعجبت بالأسلوب

    بُورِكت

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات