الفقد

 و الفقد أيها القاريء أنواع عديدة، و أعظمها فقد النفس و قد وصفه ربنا جل و على بالمصيبة و القرآن تعرض لما بين ذلك حتى جاء على ذكر فقد موسى – عليه السلام- و فتاه غداءهما. و بين ذاك الفاقد لصوابه، و الفاقد لشخصيته و أسفي لم ضيّعه قومه فراح ضحية ضياعهم. على أن كل ما سبق ذكره و تم سرده قابل للرد خلا الشرف إذا ضاع فإنه لا يعود أبداً!

أقول ذا، و أنا لا أتذكر كم الأشياء المادية التي فقدتها، و كم هي نسبة الأشياء التي عادت و تلكم التي ضاعت إلى الأبد. و لله در والدتي التي كانت تهدأ من روعي و أنا أبحث في كل مكان عن شيء فقدته، فتقول: “الحلال، يرجع.” و كان قولها يصدق برغم غرابة المفقود و مكان الفقد.

كان منطقاً بسيطاً جعلنا لا نشتري إلا بالحلال و لا نكسب إلا عن طريقه حتى لا تضيع مقتنياتنا. سواء كانت نقوداً ملقاة على قارعة الطريق لا يلتفت للظرف الذي يحويها أحد، أو محفظة أجدها بعد أيام في ثلاجة (يا متفلسف، يا مهندسة زمانك.. البطاقات الآلية كانت و لا زالت شغّالة. أما عن سبب وجود المحفظة هناك فلا أدري!)

لكن الأشياء بدأت لا تعود. زادت حيرتي فرحت أعرض الأمر على والدتي، قلت و قد لاحت ملامحي المضطربة أمامها : أنتوا بتعلمونا غلط و لا إيه؟

فيم؟ و لم؟ يا أمي، ألست تقولين أن “الحلال، يرجع” ؟ ألم تقولين ذا في كذا موقف مر بنا و نحن صغار؟ فما بال الأشياء بالحلال كسبها، تضيع فلا ترجع أبداً؟

 ابتسمت ثم تنهدت قائلةً : أي بني، نحن في زمن ضاعت فيه الأمانة،فكيف بالمؤتمن عليه؟ متى ما فقدت شيئاً إحمد الله أن لم تضع وراءه!

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. تونا جاوية بالنكهة اليابانية

    2010/04/30 - 10:29 م

    “متى ما فقدت شيئاً إحمد الله أن لم تضع وراءه!”

    نعم، صدقت ..

  2. Raed

    2010/05/03 - 01:38 ص

    :) شكراً

  3. Um 3azzan

    2010/05/04 - 12:39 م

    هذه المقالة أثرت في .. في خضم مشاغل الدنيا أشعر أنني فقدت من أكون و ما أريد أن أكون ..

  4. Raed

    2010/05/08 - 12:37 م

    لا بعد يا أم عزان ما زال في العمر فسحة.

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات