وطنية و أوطان.

في القديم، و أعني بالقديم مئة عام أو ما دونها، و اختر من رقعة الوطن العربي ما شئت من الدول توفرت فرص “بالهبل” و “على قفى من يشيل” لكل من “هب و دب” باختلاف قدراتهم و على قدر طاقاتهم ليثبتوا حب أوطانهم. سواء بالمعارك أو بالمظاهرات إذ كانت الأولية دحر الاستعمار و كانت التضحية بالنفس – و لا تزال إلى يومنا هذا إذ ليس القصد هنا التقليل من شأنها – أغلى ما يدفع امرؤ لوطنه و لكن..

مع مرور الوقت، و مضي الزمن  و تطور العلاقات الدولية يصعب نشب الحروب و إعلانها، لكلفتها بالمقام الأول و لرفض الرأي العام لها، بل قد تطاول بنا الزمان حتى أصبح المرء منا يلام إن هو دافع عن حقه! فأصبح الأبطال الثورييون طي التاريخ و دفته و أصبح أبطال الحروب في الميادين رهن تمثال و قالبه، و تغيرت نظرة الغرب ونزعته إلى وهب البطولة فأصبح خلعها لكل مقام و في كل ميدان حتى لا يفقد الشعب رغبته على العطاء. ألست ترى خلع الملكة الياصابات الثانية (أي إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا العظمة) لقب “Sir” للممثلين و رجال العلم و الإعمال و العساكر على سواء؟

ففي الأدب أبطال، و في العلوم أبطال، و في عالم الأعمال أبطال و في الفن أبطال يحتفى بهم، يكرَمون و يكَرّمون يباهى بهم في حياتهم و تخـلّد أعمالهم من بعدهم، لبّوا نداء الوطن و “احتلوا” و “استكشفوا” لم يحتلوا الشعوب و خيراتها هذه المرة بل القلوب و محبتها، و لم يكتشفوا قارات و عوالم جديدة بل اكتشفوا مجالات تفيد شعوبهم و البشرية معهم على سواء.

و بقي شرقنا العظيم على حاله، لم تنضب مناهله بل على العكس! قد يتوفر اليوم من بني جيلنا من يعشق وطنه أكثر ممن قبله و من هو مستعد لبذل روحه مرةً تلو المرة. يريد فرصة يثبت بها حبه لبلده، لكن أين ساحات الوغى إذ كانت هيا المقياس الأوحد؟ و أين ميادين القتال إن كانت هي الميزان الأقسط؟ تفرد بها الشعراء وحدهم بمعارك في خيالهم و على أطراف لسانهم.

فأخذ كل قوم يحفلون بشيوخهم، وأصبحت كل حكومة تكرم الأموات بتسمية الشوارع بإسمهم و يهملون “أحيائهم”. انعدمت البطولة و تفشت البطالة! لأنه لم يعد للشرق مجال يجّل به مفهوم لم يعد متداولاً اليوم ،فأخذت روح البذل تذبل، و شعلة العطاء تخمد حتى لم يبق لأطفالنا مثل يحتفى به إلا “أبطال الديجيتل!”    

 يا سادة.. يا كرام.. و الله لا ينقصنا الأبطال، و لا نفتقر إلى الهمم بقدر ما نرجو منكم “دور بطولة جديد” جربوا، و جيلي يضمن.

 

FacebookTwitterGoogle+WhatsApp
  1. تونا جاوية بالنكهة اليابانية

    2010/04/09 - 08:14 م

    إنها الإرادة يا رجل !!
    نفقدها في زمن يسير للأسفل ..

  2. Raed

    2010/05/03 - 01:27 ص

    لا لا… إن شاء الله الزمن سيعود بس صبركم عليه شوي,

أضف تعليقك

*

أهم التدوينات